يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مناورته الكبرى التي حملت اسم (اللكمة القاضية)، فقد بدأت قبل أيام وتستمر مدة أسبوعين، وتحاكي اندلاع مواجهة شاملة على عدة ساحات في آن واحد، وتعد هذه المناورة واحدة من "أكبر المناورات" العسكرية التي ينفذها الاحتلال، ويشارك فيها كل أذرع وأسلحة الجيش وقيادات المناطق الجغرافية الثلاث "الشمالية، والجنوبية، والوسطى"، إضافة إلى قيادة الجبهة الداخلية، وتختبر المناورة قدرات الجيش العملياتية في المستويين الدفاعي والهجومي.
جاءت هذه المناورة في إطار فحص القدرات ورفع مستوى الاستعداد في ظل الحديث عن إمكانية اندلاع مواجهة شاملة وواسعة النطاق في جميع الساحات أو الجبهات التي تشكل خطر وتهديد مباشر وتضم: غزة، والضفة الغربية، ولبنان، وسوريا، وإمكانية التدخل والإسناد الإيراني، والخشية من تطور الأمر وفتح جبهات أخرى من: العراق، واليمن، الأمر الذي أشعر العدو بحجم الخطر والتهديد في ظل تعدد ساحات وجبهات المواجهة التي تحيط به، لإدراكه أن أي مواجهة أو حرب كبرى سيكون لها تداعيات خطرة وغير مسبوقة على جبهته الداخلية، خصوصًا في ظل تطور قدرات المقاومة في تلك المناطق من ناحية: التسليح، والتدريب، والخطط الدفاعية والهجومية.
وقد استغل العدو المناورة لإرسال عدة رسائل لكل جبهات المقاومة في المنطقة تتلخص في:
أولًا: أن جيشه قادر على التعامل مع جميع المخاطر والتهديدات في تلك الساحات، ويمكنه التصدي لأي هجمات أو المبادرة لمهاجمة كل الساحات بالتزامن.
ثانيًا: أنه ينظر بخطورة بالغة لما يجري في تلك الساحات وأنه يراقب من كثب ما يجري وأنه لن يتردد في مهاجمة مناطق التهديد، وأنه قادر على سحق هذه المناطق بقوة غير مسبوقة باستخدام جميع الأسلحة.
وفي ذات الوقت وجه رسالة لجبهته الداخلية بأنه جاهز ومستعد وقادر على حماية مواطنيه من أي مخاطر وتهديدات محتملة، ويمكنه التعامل مع أي مواجهة أو معركة شاملة؛ على اعتبار أنه يملك القوة الكافية لتحقيق مستوى الردع.
لكن في الحقيقة جيش الاحتلال يعيش أزمة على الرغم مما يمتلكه من قدرات عسكرية وخطط متقدمة، وهو غير قادر على حسم أي معركة بالضربة القاضية، مهما رفع من مستوى وكثافة النيران في هجومه المباغت، أو هجماته المتواصلة، ولن يكون بمقدوره تحقيق أهدافه المتعلقة بالقضاء على "التهديدات ووقف الهجمات على جبهته الداخلية"؛ لأنه بكل بساطة استخدم في السابق مختلف القدرات ورفع سقف النار ولم يفلح في مواجهة تصميم وإرادة المقاومة واستعدادها على مواصلة القتال، وتعرضت جبهته لهجمات مركزة ومستمرة حتى الساعة الأخيرة من المعركة، وهذا حدث معه في كل المرات السابقة، ويمكن أن يحدث بصورة أكثر قوة في أي معركة كبرى.
ليس هذا فحسب، بل إن قدرات المقاومة اليوم مختلفة تماما عن السابق على كل الصعد، والعدو لا يمتلك المعلومات الكافية عن هذه القدرات، ولا يعلم ما الذي تخفيه له المقاومة في هذه الساحات إذا اندلعت المواجهة الكبرى، ولكن يمكن القول إن أي حماقة من العدو لإشعال هذه المواجهة لن تكون نزهة، وستقوده لكارثة بكل المقاييس، وجبهته الداخلية لن تكون قادرة على الصمود لساعات أمام ضربات المقاومة، وسيخرج حتمًا من هذه المعركة يجر أذيال الخزي والعار والانكسار، وسيكون ذلك تحولا حقيقيا لمصلحة المقاومة في المنطقة التي ستسطر نصرا حقيقيا، بل أسطوريا في وجه أقوى قوة في منطقة الشرق الأوسط، وهذا سيكون له تداعيات كبيرة على المنطقة برمتها.