ما بين خيارات سياسية يسعى لها المستوى السياسي للهروب من الأزمات الداخلية التي تواجهه، وخيارات عسكرية على وقع الضربات الموجعة التي تتلاقها أجهزة أمن الاحتلال في ظل تنامي المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، تجري قيادة الاحتلال مناقشات بشأن احتمال شن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية موسعة في كامل الضفة الغربية المحتلة.
وحتى هذه اللحظة لا يوجد إجماع على تنفيذ عملية موسعة، لكن قيادة الجيش والأمن منقسمة حول مسألة ما إذا كان من الصواب شن عملية عسكرية، علما بأن دائرة الأمن العام تدعم نهجا هجوميا، ووزير الحرب يوآف غالانت، لم يحدد بعد موقفه النهائي، في قرار شن عملية على غرار عملية "السور الواقي" السابقة في الضفة، التي جرت بين 29 مارس/آذار و10 مايو/أيار 2022.
مخاوف جمة
وفي ظل تنامي المقاومة المسلحة والحديث عن إمكانية شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية شاملة بالضفة، قال الخبير والمحلل العسكري واصف عريقات: "إن الاحتلال لديه رغبة في تنفيذ عملية واسعة ولكنه لا يستطيع ذلك خاصة في ظل تنامي قدرات المقاومة بالضفة الغربية وتزايد العمليات الفردية التي لا يستطيع الاحتلال اكتشافها أو التأثير عليها".
وأوضح عريقات في حديثٍ خاص لـ "فلسطين الآن" أن الاحتلال يحاول جاهداً فرض هدوء في جبهة الضفة الغربية وقطاع غزة لأنه يريد أن يتفرغ لتهديدات إيران فيما يخص الملف النووي الإيراني.
ووفقاً لعريقات، فإن "إسرائيل" يمكن أن تقدم على حماقة كبرى عبر تنفيذ اقتحام واسع في حالة واحدة فقط وهي إذا ما تم تنفيذ عمليات أوقعت خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال أو في صفوف الإسرائيليين.
وأضاف: "تقديري بأن إسرائيل لن تكرر عملية السور الواقي بالضفة الغربية كاملة، وإنما ستحاول تجزئة الساحات وتقطيعها عبر عزل المحافظات عن بعضها البعض".
وحول رد المقاومة في غزة في حال أقدمت إسرائيل على حماقة كبرى عبر تنفيذها عملية عسكرية أوضح عريقات أن طبيعة العملية والتقديرات الميدانية هي من ستحدد موقف المقاومة من الانجرار إلى مواجهة مع الاحتلال أم لا.
عمليات خاطفة
من ناحيته، يرى المحلل والخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي أنه في حال أقدم الاحتلال على تنفيذ عملية عسكرية فإنها ستقتصر على شمال الضفة الغربية كونها تحتوي على بؤر المقاومة والتحدي الأوسع والتي تشكل خطراً على كيان الاحتلال.
وفي حديثه الخاص لـ "فلسطين الآن" أوضح شرقاوي أن لدى المؤسسة الأمنية قرار عسكري يهدف إلى تنفيذه عبر تكثيف الحواجز العسكرية بشكل موسع كما كانت قبل عشر سنوات، خاصة بعد عملية أمس التي شكلت ضربة للأمن الإسرائيلي.
وحسب التقديرات الإسرائيلية بيّن أن الاحتلال سيقدم على تنفيذ عمليتين، الأولى تتمثل في عملية تدريبية تحاكي أوضاع الحرب المقبلة في حال حدثت، والثانية عملية ستكون أقل من عملية السور الواقي بحيث تكون عبارة عن عمليات خاطفة وسريعة ترمم فيها "إسرائيل" قوة ردعها المتآكلة.
وأشار شرقاوي إلى أن الاحتلال يسعى جاهداً لكسر نظرية توحيد الجبهات، عبر الاستفراد بشمال الضفة الغربية، لكن المقاومة بعون الله ثابتة ولن تقف مكتوفة الأيدي حيال ذلك وستعمل على إفشال نظرية المؤامرة التي يسعى الاحتلال إليها عبر تفتيت الجبهات.
