طلاءات الجدران في تطور مستمر؛ هي عبارة عن خامة من خامات الديكور تقوم بدور يتجاوز تلوين الأسطح إلى التأثير في جمالية الفراغ المعماري، فهي قد تُنفّذ بصورة مشابهة للتكسية الخشبية للجدران أو الرخامية أو الخرسانية (الكونكريت) أو حتى القطيفة، ما يحول الجدران إلى لوحات فنية لافتة وعصرية تعكس جمال الطبيعة، أو فخمة، أو حتى مميزة.
حسب المهندسة المعمارية المصرية شيماء حسن، فإن أنواع طلاءات الجدران المتاحة للمساحات الداخلية كثيرة، منها تلك البلاستيكية والزيتية و«الإيبوكسي» و«البولي يوريثان»... علماً أن الأكثر شيوعاً بينها، هو الطلاء البلاستيكي لسهولة تطبيقه، وقوة التصاقه، وثبات ألوانه، وانعدام انبعاث رائحة قوية عنه داخل الفراغات عند التطبيق. كما يمتاز الطلاء البلاستيكي بدرجات لمعان مختلفة (اللمعان التام، أو اللمعان بصورة نصفية، أو اللمعان بصورة خفيفة، أو المطفي)، مع الإشارة إلى أن اختيار درجة اللمعان يرجع إلى اعتبارات بصرية ووظيفية مهمة، بالتناسب مع الأنشطة داخل الفراغات والإضاءة ومواضع النوافذ. مثلاً؛ في الفراغ المعماري الذي ينعم بكمّ وافر من الضوء، من المُفضّل اختيار اللمعان المنخفض (مطفي)، تلافياً لتأثير الوهج المفرط المُشابه للمرآة. أما الدهان الأكثر لمعاناً فيُناسب غرف المنزل التي تعرف حركة مرور كثيفة، وتحتاج إلى التنظيف المستمر، فطلاءات الجدران ذات اللمعان الكثيف تُقاوم البقع، ويشيع استخدامها داخل الحمّامات وغرف الأطفال.
ألوان الجدران
عن الألوان المناسبة لطلاءات الجدران، تقول المهندسة شيماء إن «مراعاة التناسق بين لون الطلاء المختار، وألوان العناصر الأخرى في المكان مطلوبة، لا سيما الأرضيات والأثاث والإضاءة الطبيعية والصناعية»، مضيفة أن «إيقاع الحياة السريع يجعل القلق والارتباك يصيبان البشر، ما يجعل الألوان التي تتميز بخفتها ودفئها مُفضّلة في المساحات الداخلية، وذلك لتذكير الساكنين بضرورة الاسترخاء وتصفية الأذهان».
إلى الأبيض بدرجاته، تُفصّل المهندسة الحديث عن الألوان الدارجة لطلاءات الجدران، وهي الدرجات الفاتحة من البيج والرصاصي والأخضر والأزرق والبنفسجي والأصفر:
الأبيض مُتعدّد الدرجات التي تتفاوت بين الدافئة منها (درجات ثانوية من الأحمر والأصفر والبرتقالي) والباردة نسبيّاً (درجات ثانوية من الأزرق والرصاصي)، مفضل، لا سيما مع كثرة المواد المستخدمة راهناً في تكسية الجدران، من خشب ورخام وورق جدران، إذ يحل الطلاء الأبيض ليخفّف ازدحام تلك المواد وإراحة العين، بالإضافة إلى الإيحاء بالاتساع. لاختيار الدرجة المناسبة من الأبيض، في العموم، يجب مراعاة طراز الديكور في الفراغ المعماري. مثلاً: في الطراز الكلاسيكي، يُفضّل استخدام الأبيض الدافئ الذي يتناغم مع عناصر هذا الأسلوب في العمارة الداخلية وألوانه العتيقة، أما الطراز العصري، فيناسبه الأبيض النقي أو البارد بحسب الألوان الأخرى المستخدمة في الأثاث والأرضيات.
درجات البيج الفاتحة مُناسبة لغالبية الفراغات الداخلية، إذ تقوم بدور تسكين الأمزجة، كما تتلاءم مع أي مواد أخرى في التصميم، سواء في غرف النوم، أو صالات الاستقبال، أو غرف المعيشة، أو مكاتب ومساحات العمل.
درجات الرصاصي الهادئة تحل في صالات الاستقبال، أو المكاتب، أو بعض الغرف، عندما تتناسب مع الأثاث.
درجات الأخضر الفاتحة تحيل إلى الطبيعة، وتوحي بالصحة والعافية والهدوء، لذا فغرف نوم الأطفال مكانها.
درجات الأزرق الفاتحة مساعدة في النوم الصحي، ما يجعل جدران غرف النوم تستقبلها.
درجات الأصفر والبنفسجي الفاتحة مسؤولة عن تنشيط الذاكرة وإبهاج المكان، لذا تستقبلها غرف المعيشة والأطفال، وبعض مساحات العمل.
تطورات
في إطار التطورات الذي عرفتها طلاءات الجدران ولمّا تزل؛ هناك:
طلاءات الجدران المصنوعة من مواد صديقة للبيئة، التي تدعو المهندسة إلى استخدامها، بعيداً من الأنواع التي تحتوي على مواد متطايرة، ومذيبات تؤدي إلى تلوث الهواء، خصوصاً في الفراغات المغلقة، كما تؤثر سلباً في صحة العامل أثناء تطبيقها، أو قاطني المنزل بعد الجفاف. فقد أصبحت منتجات الطلاء الصديقة للبيئة متوافرة بشكل كبير وأكثر رواجاً، وهي طويلة الأمد، خصوصاً بعد اتجاه شركات طلاءات الجدران إلى تقليل المركبات العضوية المتطايرة في منتجاتها.
من التطورات في عالم الدهانات أيضاً، توافر طلاءات معينة ذات تأثيرات تُحاكي ورق الجدران. في هذا الإطار، يُطلى السطح بطبقة من الطلاء البلاستيكي ذي اللون المناسب، في الخلفية، مع استخدام ورق «الاستنسل» المفرغ بشكل زخرفي بصورة مناسبة للفراغ، مع تطبيق الطلاء الآخر ذي اللون المناسب، وإمكانية التحكم في سماكة الشكل الزخرفي الذي يحقق جمالية في الفراغ.
طلاءات معينة تمتلك خاصية الجذب المغناطيسي؛ أي تجعل المغانط تلتصق بها، وهي مناسبة للمكاتب والفصول الدراسية وغرف الأطفال والغرف العائلية والمطابخ، كما أي جدار مُحمّل بالصور.
طلاءات مُعيّنة تُحوّل الجدار إلى سبورة يمكن الكتابة عليها والمسح، بسهولة، لتُطلق بذلك العنان للمستخدم وتُحرّر أفكاره وإبداعاته داخل الفراغ الخاص بالعمل وغرفة الأطفال...
