بين أزقة مخيم لا تتعدى مساحته بضع كيلومترات، خرج الاحتلال الغاصب جاراً أذيال الهزيمة والعار التي أذاقتهم إياها أيدي المقاومة الفلسطينية الباسلة في مخيم جنين، بعد أن جاؤوا بأرتال الآليات العسكرية المصفحة.
الاحتلال ظن أنه بتنفيذه عملية عسكرية كبيرة واقتحامه لمخيم جنين، سيكسر من عزيمة المقاومين وباسلتهم التي رأها القريب قبل البعيد، إلا أن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تكسر عنفوان الاحتلال وتمرغ أنفه في التراب.
وقد أجمع عدد من المحللين السياسيين والمتابعين للشأن الفلسطيني في أحاديث منفصلة لـ"فلسطين الآن" أن ما جرى في مدينة جنين ومخيمها يمثل انتصار حقيقياً للشعب الفلسطيني ولمقاومته الباسلة.
انتصار عظيم
وقال الكاتب والمحلل السياسي أيمن الرفاتي، "إن ما جرى في مخيم جنين هو بشكل واضح انتصار للمقاومة الفلسطينية التي استطاعت أن تواجه هذا الاحتلال، وأن تكسر من الأهداف التي أعلنها فيما يتعلق بالعملية العسكرية في مخيم جنين والتي كانت تهدف إلى اجتثاث المقاومة الفلسطينية".
وأوضح الرفاتي أن الاحتلال بات يدرك أنه لا يستطيع أن ينهي هذه المقاومة وأن هذه المنطقة أصبحت عصية عليه وعلى جيشه، كما هو الحال في قطاع غزة والتي أصبحت عنصر قوة للشعب الفلسطيني، واليوم جنين في الضفة المحتلة.
وبين أن الأيام المقبلة ستحمل انتقادات كبيرة لنتنياهو وللمستوى العسكري ولجيش الاحتلال الذي لم يستطع أن يواجه أبطال المقاومة في مخيم جنين، الذين أظهروا قوة وبسالة واضحة وقدرة على التعامل مع التطورات الميدانية والضغط الميداني الذي كان ينفذه جيش الاحتلال.
تطور أداء المقاومة
وعن أداء المقاومة أكد "الرفاتي" أن المقاومة في هذه المعركة أظهرت قوة لم تكن موجودة في الضفة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وهذا يدلل بشكل كبير على التطور لديها إذ أنها استخدمت تكتيكات وكمائن في مواجهة الاحتلال.
وأوضح أن استخدام العبوات الناسفة يمثل تطوراً جديداً في ساحة الضفة ويمثل تهديداً كبيراً لدولة الاحتلال ولجيشه ويعقد من عمله، وأصبح الاحتلال حالياً يخشى أن تتطور عمليات صنع العبوات في الضفة المحتلة.
وتابع: "المقاومة في جنين استطاعت من لا شيء أن تصنع قوة لها وخاصة فيما يتعلق بسلاح العبوات الذي أثر على حركة قوات جيش الاحتلال، ودمرت عدداً من الآليات العسكرية وأوقعت عدداً من قوات الاحتلال في كمائن محكمة".
فشل إسرائيلي
من جانبه رأى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، أن ما حدث في جنين هو فشل إسرائيلي واضح وكانت بوادر هذا الفشل من الدقائق الأولى لهذه العملية، لسببين الأول أن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يفرض سيطرته على مخيم جنين لأسباب تتعلق بفشله في عدم قدرة ذلك الجيش على العمل في الضفة الغربية.
وقال القرا خلال حديثه لـ "فلسطين الآن" إن عدم اجتياح الاحتلال للضفة الغربية بشكل كامل لا يتعلق بما يروج له من حرصه على عدم انهيار السلطة الفلسطينية، وإنما في الحقيقة أنه ليس لديه القدرة على احتلال وإعادة السيطرة على مناطق واسعة.
وأضاف: "الجانب الثاني يتمثل في انتصار الفلسطيني بما يملك من إمكانيات وقدرات متواضعة جداً، حيث اظهر المقاتلون في الفصائل الفلسطينية قدرة عالية على التنسيق والتعاون".
وأوضح القرا، أن المقاومين استطاعوا أن يفشلوا أهداف العملية العسكرية رغم عمليات القصف والقتل وتهدم المنازل، من خلال مقاومتهم الشرسة على مدار 48 ساعة، بحيث أسقطوا طائرات بدون طيار وقتلوا جنود إسرائيليين وفجروا آلياتهم.
وبين أن هناك تطور واضح حدث في أداء المقاومة خلال مدة قصيرة، بحيث كان مفاجئا للاحتلال الإسرائيلي وجود تحضينات وأنفاق وكذلك قدرة على استخدام سلاح العبوات الناسفة وتطوير صناعتها.
وأشار المحلل السياسي إلى أن أسلوب حرب العصابات أصبح موجود في جنين ويتطور بشكل سريع أسوة بغزة التي تنامت فيها القوة حتى تحولت مع الوقت الى جيش ما يشبه الجيش النظامي.
