بددت عشرات الرصاصات التي أطلقت في ثوان تجاه مركبة فلسطينية، الهدوء الذي كان يعم المنطقة الغربية لبلدة سبسطية شمال مدينة نابلس، في ساعة متأخرة من مساء أمس الجمعة، ليتبين حجم الجريمة التي ارتكبها جنود الاحتلال الإسرائيلي، بإعدامهم للشاب فوزي مخالفة -19 عاما-، وإصابة صديقه محمد مخيمر، قبل اعتقاله.
ويقول رئيس بلدية سبسطية محمد عازم لـ"فلسطين الآن": "ما جرى هو اعدام بكل ما تحمله الكلمة من معنى. الشهيد وصديقه كانوا في طريقهم لتفقد المصنع الذي يملكه والد الشهيد، وخلال عودتهم للبلدة، خرج عليهم جنود الاحتلال من بين الاشجار وامطروا المركبة بأكثر من 52 رصاصة، أكثر من خمس منها اصابت الشهيد في رأسه وصدره، فاستشهد على الفور، في حين كتب الله عمرا جديدا لمخيمر الذي تمكن بسرعة فائقة من فتح باب المركبة والقفز على طرف الطريق، ليصاب برصاصة في يده فقط".
ويشدد عازم على أن كل تبريرات الاحتلال ما هي إلا أكاذيب، فلم يكن الشهيد ينوي تنفيذ عملية دهس لأنه لم يكن يعلم بوجود الجنود، ولم يكن هناك اي إطلاق نار تجاه حاجز للاحتلال قريب من المكان، "بل هي تطبيق عملي لتعليمات قيادة جيش الاحتلال للجنود في الميدان بوضع رصاصة دوما في "بيت النار" أي في وضعية دائمة للإطلاق، وهي ما تعرف ايضا بسياسة اليد الخفيفة على الزناد".
وتابع: "هذا استسهال للقتل، ودعوة للمزيد منها، دون أي رادع أو ملاحقة، وتشجيع الجنود على ارتكاب الجرائم دون أن ترف لهم جفن". ووفق مدير الاسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الاحمر في نابلس أحمد جبريل، فقد أمعن جنود الاحتلال في جريمتهم بمنع سيارة الاسعاف والمسعفين من الوصول إلى السيارة لأكثر من عشرين دقيقة، وهذا الوقت كان كافيا لكي يفقد الشاب كميات كبيرة جدا من الدماء".
وأضاف: "حاولنا نقل المصاب، لكن الاحتلال رفض ذلك، وهذا يتكرر معنا دوما في مثل هذه الأحداث". واعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كافة الضغوط لتغيير سياستها بخصوص "قواعد الاشتباك" في الضفة الغربية، من منطلق القناعة الإسرائيلية الكاملة، أن من حق الجندي الإسرائيلي أن يضغط على الزناد متى استشعر الخطر، وأن يقتل بلا تردد، ومن دون أن يرفّ له جفن.
وهذه السياسة الإسرائيلية في الضغط السريع على الزناد ليست وليدة مرحلة سياسية معينة، فهي قائمة في زمن حكم الأحزاب اليمينية، وهي قائمة في زمن حكم الأحزاب اليسارية، وهي قائمة زمن التطبيع، وقبل التوقيع على معاهدات السلام، وفق ما يؤكده المراقبون.
وكانت قيادة جيش الاحتلال أصدرت في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعليماتها إلى جيشها، وتقضي بإطلاق النار المباشر على الشبان الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة والزجاجات الحارقة، سواء خلال إلقاء الحجارة، أو بعد القائهم الحجارة، وحتى بعد انسحابهم من المكان، بل سمح بإطلاق النار باتجاه أشخاصٍ يدخلون إلى قواعد عسكرية أو مناطق إطلاق نار.
وتشرّع تعليمات القتل الصادرة عن رئيس الأركان الضغط على الزناد بسرعة وخفّة، وتعطي للجنود الإسرائيليين الحق الكامل في الرد بالذخيرة الحية، في حال شعورهم بخطرٍ يهدّد حياتهم، ما يعني، بوضوح، القيام بعمليات إعدام ميداني ضد الشبان الفلسطينيين، بذريعة حماية الجنود أنفسهم، في أثناء اقتحاماتهم مدن الضفة الغربية، وقد تكون هذه الأوامر وراء ارتفاع عدد الشهداء في الضفة الغربية إلى أكثر من 190 شهيداً منذ مطلع العام الحالي، خلافاً لمئات الجرحى.