في الوقت الذي يتواصل فيه التوتر الأمريكي الإسرائيلي، فإن التوتر انتقل إلى العلاقات مع المخابرات الروسية على نطاق واسع، حيث طالب مسؤولو المخابرات الإسرائيلية نظراءهم الروس بوقف عمليات التأثير على الإنترنت، بعد قيامهم بشنّ حملة لمفاقمة الانقسامات الإسرائيلية. وقد ظهرت مؤخرًا ظاهرة على شبكات التواصل الاجتماعي لبرامج الروبوت التي تنشر الدعاية المؤيدة لروسيا باللغة العبرية، وعادةً ما تهدف إلى إقناع الجمهور الإسرائيلي بعدم دعم أوكرانيا، ضمن حملة سياسية روسية.
نداف آيال مراسل الشؤون الدولية لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف أن "تعليمات المخابرات الروسية وصلت مباشرة من الكرملين، وهو أحدث تقليد لحملة النفوذ الروسي في الولايات المتحدة قبل وأثناء وبعد انتخابات 2016، التي وصل فيها الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، وتستهدف هذه الحملة الاستخبارية الروسية ممارسة مزيد من الإجراءات للتأثير على المجتمع الإسرائيلي، ما دفع المخابرات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة إلى التحذير من توسيع عمليات التأثير هذه الهادفة بالأساس للتركيز على تعميق الانقسامات الإسرائيلية الداخلية".
وأضاف أن "مسؤولي المخابرات الإسرائيلية أرسلوا مؤخرًا رسالة حازمة لمسؤولي المخابرات الروسية يطالبونهم فيها بوقف عمليات التأثير عبر الإنترنت على الإسرائيليين، وهذه المرة هي الثانية التي يتم فيها تمرير مثل هذه الرسالة بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والروسية، حيث تم تمرير الرسالة الأولى إبان الانتخابات السابقة، التي طُلب فيها من الروس عدم التدخل فيها، ما يعني أن الكثير من الأشياء المقدسة في إسرائيل يتم كسرها هذه الأيام، ما يكشف أن حزب الله وإيران والفلسطينيين لم يعودوا وحدهم من يشعرون بجرأة متجددة في مواجهة الانقسام الإسرائيلي".
وأوضح أن "الآونة الأخيرة شهدت على سبيل المثال نشوء ظاهرة على شبكات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية من الروبوتات التي تنشر الدعاية المؤيدة لروسيا باللغة العبرية، وتهدف لإقناع الجمهور الإسرائيلي بعدم دعم أوكرانيا، ويُعتقد في إسرائيل أنها حملة سياسية روسية تأتي تعليماتها من الكرملين".
تعيد هذه الأزمة الأمنية الإسرائيلية الروسية للأذهان أزمة مشابهة حدثت إبان الانتخابات المبكرة الأخيرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، عند الحديث عن تدخّل أجنبي، عبر حرب سيبرانية أو جيش من الذباب الإلكتروني. وإن تحذيرات بهذه الخصوص واتهامات وجهت إلى روسيا، صدرت عن رئيس جهاز "الشاباك" السابق، نداف أرغمان، ما أثار غضب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لعلاقته الوثيقة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وقد حذر معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب في وثيقة أعدها الجنرال تامير هايمان الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، من سيناريوهات لتدخّل أجنبي في الانتخابات، عبر استغلال حالة التوازن القائمة بين المعسكرين الرئيسيين، ومحاولة ترجيح كفة على أخرى من خلال عدة محاولات خارجية، ما اعتبر في حينه "تحدّياً استراتيجيا".
في الوقت ذاته، رصدت المخابرات الإسرائيلية محاولات روسية للتأثير على الرأي العام، لا سيما اليهود من أصول سوفييتية ممن هاجروا من دول الاتحاد السوفييتي سابقاً، وبينها أوكرانيا، للتأثير لجهة اعتبار الحرب على أوكرانيا شرعية وعادلة، وليست مسألة أطماع وعدوان روسي.