قالت مصادر مطلعة في المقاومة الفلسطينية بمخيم جنين، إنه منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين، مطلع شهر تموز الجاري، بدأت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، تكتسب دوراً ميدانياً أكثر محورية، في محاولة لتقويض خلايا المقاومة.
وبحسب المصادر، فإن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، تحاول استنساخ نموذج التسويات الأمنية الذي نجحت فيه نسبياً في البلدة القديمة في نابلس.
وكشفت المصادر أن محافظ المدينة، أكرم الرجوب، ومعه عدد من قيادات الأجهزة الأمنية وحركة فتح، يعملون على استمالة الكتلة الأكبر من مقاومي حركة فتح وإقناعهم بإلقاء السلاح، مقابل الحصول على وظيفة في الأجهزة الأمنية.
وعلى طريق تحقيق ذلك الهدف، جرى، أخيراً، تفريغ العشرات من عناصر كتائب شهداء الأقصى في تلك الأجهزة.
وفي هذا المجال، يبيّن مصدر في المخيم أن المكوّن الفتحاوي هناك ينقسم إلى جزأين رئيسَين: الأول، يمثّل الموالين لرئيس السلطة، محمود عباس، وهؤلاء لديهم حضور جيّد، ويشارك عدد منهم في عمليات التصدي للاحتلال؛ والثاني، الأكثر فعالية وحضوراً، هو الذي يرفض النهج الأمني والسياسي الذي تسير عليه السلطة، ويتقدّم الصفوف في أوقات الاقتحامات (...).
وبحسب المصادر فإن ما يحاول أكرم الرجوب فعله حالياً، هو نقل الكتلة الأكبر من الفتحاويين، إلى مربّع ما يسمّى بالشرعية، وإغراؤهم بامتيازات الوظائف والتسويات ووقف الملاحقة، وهو ما نجح فيه نسبياً.
ووفقاً للمصادر، فإن الأجهزة الأمنية تصطدم برفض جذري من عناصر "كتيبة جنين"، التي توضح فيها المصادر أن قادة الأجهزة الأمنية يحاولون الوصول إلى المطارَدين والمقاومين من خلال أقاربهم لنقل رسائل التسوية، ويتعاملون مع كلّ شاب بشكل منفرد، كاشفاً أنه خلال الأسابيع الماضية، تلقّى العشرات من عناصر الكتيبة وقادتها عروضاً سخية بالتوظيف، مع ضمان وقف الملاحقة من الاحتلال، فكان الردّ من جميع عناصر الكتيبة موحّداً: "اغزلوا بغير مسلّة، العروض مرفوضة".
وأشارت المصادر التي تحدث لصحيفة "الاخبار" اللبنانية، إلى أن ما لا يفهمه هؤلاء، أن العائلات والعشائر الكبيرة هي الحاضنة الأولى لأبنائها المقاومين، وأن الواقع المجتمعي في المخيم عصيّ على الاختراق (...) الذي باع مصاغ زوجته أو أنفق ادّخار أبيه لكي يشتري بندقية، لن يعود إلى منزله ومخيمه رافعاً رأسه إذا ما تخلّى عن سلاحه مقابل وظيفة.
أمّا لماذا البحث عن التسويات في جنين؟، فيجيب مصدر أمني بأن الزخم الذي تمتلكه المقاومة في المخيم، والرمزية الهائلة للمقاومين والمطلوبين الذين يُنظر إليهم على أنهم أبطال، تمنحهم حصانة شعبية من أيّ محاولة اعتقال أو ملاحقة، لافتاً إلى أن الأجهزة الأمنية جرّبت اعتقال شقيق الشهيد عبد الله الحصري، المطارد طلال، وكان الردّ من الأهالي، وحتى من عناصر حركة فتح في المخيم، هو الهجوم على مبنى المقاطعة، ما أجبرها على إطلاق سراحه خلال أقلّ من ساعة، لذا فهي تلجأ إلى أساليب ناعمة لتحقيق الهدف نفسه.
ومن وجهة نظر "كتيبة جنين"، فإن الذي يسلّم سلاحه، ويَقبل بعروض الأجهزة الأمنية، لم يحمل السلاح من الأساس بهدف المقاومة، بحسب المصدر، الذي يؤكد أن الكتيبة لم تخسر حتى اللحظة أيّاً من مقاوميها، إذ لم يستجب للأجهزة الأمنية أحد، فيما الذين سلّموا سلاحهم غير مأسوف عليهم، بل تخفّفت المقاومة من عبء وجودهم بينها.