منذ سنوات وأنا أقول إن المصالحة سوف تتحقق، وإن لم تكن بدوافع فلسطينية داخلية حرصًا على مصالح شعبنا، ووضع حد لمعاناته سوف تتحقق بدافع الحفاظ على "الهدوء" في المنطقة وتهدئة الشارع الفلسطيني وسحب فتيل أي انفجار محتمل.
في السنوات الماضية لم تكن المصالحة حاجة ملحة لتحقيق الهدوء، بل كان يكفي التلويح بالمصالحة وإجراء الانتخابات عقب فشل كل عدوان إسرائيلي على قطاع غزة من أجل وقف إطلاق النار، وإعادة الهدوء مع غزة، الضفة الغربية كانت في حالة غريبه من الهدوء ولم تكن تزعج الاحتلال بالقدر المخيف الذي يحصل الآن، ولهذا تختلف جولة المصالحة التي نحن بصددها الآن عن الجولات السابقة اختلافًا كبيرًا، وأعتقد أن "الفيتو" على المصالحة مع حماس الذي كانت تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على منظمة التحرير حسب اعتراف بعض قادتها لم يعد قائمًا الآن والعكس هو الصحيح، أي أن الإدارة الأمريكية ذاتها ترى أن المصالحة الداخلية ضرورة ملحة، لإعادة الهدوء في الضفة التي كادت أن تتفجر الأوضاع فيها بسبب العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين الذي مُنيَ بفشل ذريع، ولكنها مصالحة بمعايير معينة تمنع حركة حماس من تحقيق قدر كبير من المكاسب.
إذا كانت هذه الحسابات صحيحة لا بد من استغلال الموقف لتحقيق أكبر قدر من المكاسب للشعب الفلسطيني بعكس ما تفكر به الأطراف الخارجية، فمثلًا لا بد أن يكون رفع الحصار عن قطاع غزة من شروط إتمام المصالحة وتشكيل أي حكومة جديدة، وهذا الشرط لا يكون على الجانب الفلسطيني أو منظمة التحرير بل على دولة الاحتلال وبأي طرف خارجي يرعى المصالحة الداخلية، بحيث يكون هناك زمن محدد وقريب لرفع الحصار عن قطاع غزة، وقد يقول قائل وما علاقة المصالحة الداخلية برفع الحصار والأطراف الخارجية؟ الإجابة بسيطة حيث أن من شروط رئاسة السلطة على حركة حماس هو الالتزام بما يسمى الشرعية الدولية وشروط الرباعية الدولية، وما علاقة أولئك بمصالحتنا الداخلية؟ مع تأكيد أن تلك الشروط سوف تتبخر إذا أريد للمصالحة التمام، إذ لا يمكن لحماس أن تقبل بشروط الرباعية الدولية، التي أهمها الاعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي والتخلي عن المقاومة.
نحن نتمنى أن يفضي لقاء الأمناء العامين إلى مصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنهاء حالة الانقسام إلى الأبد، ولكن إن تعثرت الجهود سوف تكون هناك جولة أخرى قريبه ولكن في ظروف أكثر صعوبة وأشد إحراجًا لتيار أوسلو ومنظمة التحرير.