أكدت صحيفة عبرية، أن توصّل الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن، لتفاهمات مع إيران، دليل على "الفشل التاريخي" لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي باتت دولة الاحتلال نتيجة لسياسته الشعبوية والاستقطابية، لا يمكنها العمل داخل إيران، لأسباب داخلية وأخرى خارجية.
وقالت "يديعوت أحرنوت": "الحقيقة التاريخية، أن إسرائيل بدأت تحدد البرنامج النووي الإيراني كتهديد مستقبلي منذ عهد اسحق رابين، وعمليا، كان التهديد المحتمل من طهران أحد تعليلات رابين التي لا تذكر في صالح اتفاق أوسلو، لأنه تطلع لحل المسألة الفلسطينية كي يركز على التهديد الأصعب".
وأوضحت أن "بنيامين نتنياهو، وضع إيران على رأس الأجندة منذ أن تسلم منصبه كرئيس للحكومة، وسعى إلى تجنيد الولايات المتحدة والعالم لفرض عقوبات، إلى جانب تطوير قدرة عسكرية لمهاجمة المنشآت الإيرانية، وفي حال لم يجدِ الضغط الاقتصادي والدبلوماسي نفعا، كان تقدير المهنيين؛ أن هجوما في إيران سيعرقل تطوير المشروع من 3 وحتى 5 سنوات".
وأضافت: "سواء كان التهديد الإسرائيلي حقيقيا أم أن نتنياهو لوّح بأداة فارغة في كل العالم، ففي أواخر عام 2015 بلغت سياسته ذروة نجاحها، وحصل هذا حين وقعت القوى العظمى مع إيران، على اتفاق استهدف إجمالا إبعادها نحو 15 عاما عن نيل القنبلة النووية، وهذا أكثر بكثير مما كان يمكن تحقيقه في هجوم عسكري".
ونوهت الصحيفة إلى أن "الاتفاق تحقق ليس لأن إسرائيل طالبت به أو فرضته، بل بسبب مصالح القوى العظمى وإيران".
ورأت أن "نتنياهو لو كان سياسيا حقيقيا، يعترف بقدرات إسرائيل وقيودها، لكان يفترض به أن يعرف بأن اتفاق 2015 هو الأفضل من بين كل الأمور الممكنة، وفضلا عن ذلك، كان يمكن لنتنياهو أن يتباهى به كأكبر إنجازاته، وفي 15 عاما التي سيتأخر فيه المشروع الإيراني كان يمكن محاولة العمل على تغيير النظام، على توثيق المعلومات الاستخبارية عن هجوم أو حتى الاقتراب منه".
وتابعت: "15 عاما زمن طويل، وبالتأكيد بتعابير عالم يتغير بسرعة، لكن نتنياهو هو من كان له كل شيء، ومع ذلك أراد أكثر، فقد اختار أن يعمل على إسقاط الاتفاق، ودخول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، هو استراتيجي صغير ورجل غير مسؤول، وهذا ساعد نتنياهو على إقناع الولايات المتحدة من أجل التنكر للاتفاق، والخروج منه لاحقا".
وأكدت "يديعوت" أن "إيران دون الاتفاق، تقدمت أكثر فأكثر نحو النووي، واجتازت منذ الآن الحافة التي عرضها نتنياهو في خطابه الشهير في الأمم المتحدة كخط أحمر، واليوم حين تنشر أنباء عن تفاهمات متجددة ستتحقق بين الأمريكيين والإيرانيين، واضح أنها ستكون أقل جودة من الاتفاق إياه؛ وواضح أساسا بأن إسرائيل لم يعد يمكنها أن تعمل في إيران، سواء لأسباب داخلية أو من ناحية التحفظ الدولي على ذلك".
ورأت أن "تفويت الإنجاز الذي سبق أن تحقق مع إيران هو أكثر من أي شيء آخر، بعكس الفشل التاريخي لنتنياهو كرئيس للحكومة، هذا التفويت يتناسب والتسرع الذي خطب فيه أمام الكونغرس في 2002 حين حث الأمريكيين على إسقاط حكم الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، وليس فقط إضعافه، دون أن يفهم بأن العراق كان أيضا قوة كابحة للإيرانيين، لكنها قوة اختفت، أما الآن، فقد بات الأوان متأخرا؛ فالمعارضة التي أعرب عنها هذا الأسبوع مكتب نتنياهو على التفاهمات الجديدة بين الولايات المتحدة وإيران لم تعد تؤثر على أحد".
وذكرت الصحيفة، أن "التفويت في المسألة الإيرانية يقف أيضا بقدر كبير من خلاف الهزات في السياسة الداخلية في إسرائيل، وأيضا حقيقة ميل نتنياهو إلى السياسة الشعبوية والاستقطابية، تعاظم بالتوازي مع الزمن الذي فقدنا فيه الطريق لوقف إيران، لأنه بدون المسألة الإيرانية على الأجندة لم يتبقَ له كيف يبرر حكمه إلا بالتغييرات اللازمة ظاهرا في داخل إسرائيل".
وخلصت "يديعوت" إلى أن "الفشل تجاه إيران مزدوج؛ إسرائيل فشلت في ابعاد الإيرانيين على القنبلة، وعلقت في حروب داخلية تضعفها وتشرخها، بقدر لا يقل عن أي رد إيراني كان يمكن له أن يأتي في حال هاجمناها".