منذ بداية العام الدراسي الجديد يوم الأحد الماضي والمعلم جمال احمد يذهب يوميا إلى مديرية نابلس للاعتراض على قرار نقله التعسفي من مدرسته الموجودة في المدينة والتي يعمل بها منذ 15 عاما، إلى مدرسة في قرية صغيرة تقع على أطراف نابلس، دون مبرر تذكر.
وأوضح احمد لـ"فلسطين الآن" إنه فوجئ بوجود عشرات المعلمين من أمثاله الذين وقع عليهم الظلم يتواجدون في مقر المديرية، ما تسبب بحالة إرباك شديدة وعدم انتظام العملية التعليمية في معظم مدارس الضفة الغربية حتى الآن.
وأوضح أن عملية النقل كانت انتقامية بامتياز، والسبب هو انخراطنا العام الماضي في حراك المعلمين للمطالبة بحقوقنا، وأنا اتحدى الوزارة إن كان هناك أي حاجة فنية كما يدعون لأكثر من 500 حالة نقل على مستوى الضفة الغربية، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الوزارة.
ويقف إلى جانبه الاستاذ عبد الله سميراتي القادم من بلدة تقع أقصى شمال نابلس ليعترض على نقله إلى قرية تبعد عن بيته أكثر من ساعة، ويحتاج إلى ارتياد ثلاث وسائل نقل ليصل إليها.
يقول لـ"فلسطين الآن" "هذه مجزرة بحق المعلمين وعملية انتقامية غادرة، لن نصمت عليها. كل هذا لإرضاء غرور بعض المتنفذين في وزارة التربية والأجهزة الأمنية التي كانت ترفع دوما تقارير بأسماء المعلمين المضربين خلال العام الماضي وتتصل بالبعض وتحذره وتهدده وتطلبه منه العودة إلى العمل، وعندما فشلت في كسر وحدة المعلمين لجأت إلى العقوبات، ومنها النقل التعسفي.
وتابع "صحيح على الموظف الحكومي ان يلتزم بالقرارات الإدارية، لكن من حقه أيضا الاعتراض عليها بالطرق التي سمح بها القانون، وخاصة عندما يشعر الموظف بالتعسف، فله الحق أن يتقدم بتظلم حتى يرجع له حقه.
ويضيف "كانوا يصرفون لي مبلغا زهيدا جدا بدل مواصلات داخلية، ولكن اليوم يتوجب عليّ دفع خمسة أضعافه لأصل إلى المدرسة التي نقلت إليها، وهذا طبعا غير محسوب في قسيمة الراتب، ما يعني أنني سأدفعه من جيبي.
يضحك سميراتي قائلا "هم الراتب الكامل مش دافعينه. من سنتين ونحن نتقاضى 85٪، والآن بدهم يدفعوا لي فرقية المواصلات. هذا مش منطقي وما رح يصير".
الجهات الراعية
وطالب المعلمون المنقولون تعسفيا الجهات التي رعت الاتفاق الذي أنهى الإضراب العام الماضي من بينهم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، ومفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د. عمار دويك، بالتدخل وانهاء هذا الظلم الواقع على مئات المتضررين.
وأكدوا أن استمرارها يضع مصداقية تلك الجهات "على المحك"، لا سيما أنها تعهدت بعدم فرض إجراءات عقابية على المعلمين المضربين سواء إدارية أو مالية.
إيقاف مدراء عن العمل
وتأكيدا على النهج ذاته، قررت وزارة التربية والتعليم اليوم الخميس وقف عدد من مدراء المدارس في مناطق شمال الخليل وسلفيت، عن العمل لرفضهم تنفيذ قرارات نقلهم.
وفي تصريح له، قال الأستاذ جمال سليم مدير مدرسة ذكور سلفيت الأساسية العليا، إن التربية والتعليم نقلته من مدرسة سلفيت إلى قرية بعيدة، بالمسمى الوظيفي ذاته، بحجة أنه تعاطف مع إضراب المعلمين رغم أنه لم يشارك في أي فعاليات والتزم بالدوام المدرسي"، وتابع "نقلي بعد 11 عاماً من الخدمة في مدينتي سلفيت اعتبرتها "اساءة" لي، لأن النقل بعد هذه المدة من مدينتك أو قريتك عادة ما يكون على خلفية إشكالية، وهذا معروف في العرف التربوي، وأنا بقيت في مدرستي واعترضت على النقل، وتقدمت بتظلم، ولكن للأسف قررت الوزارة إيقافي عن العمل.
وينص القانون على أن "الإيقاف عن العمل يصدر بعد 14 يوماً من الاستنكاف عن تنفيذ قرار النقل إلى مدرسة أخرى"، وأضاف: لماذا لم تتصرف الوزارة بطريقة إدارية أخرى وهي أن ترسل لي لجنة تحقيق قبل الوقف عن العمل!
