تتواصل ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة عقب الكشف عن اللقاء الذي جرى في روما الشهر الماضي، بين وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين بنظيرته وزيرة الشؤون الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، حيث هاجم مؤرخ إسرائيلي الحكومة الليبية، واصفا إياها بـ"عديمة القيمة".
وأوضح أستاذ دراسات الشرق في جامعة "تل أبيب"، إيال زيسر، في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "مهزلة "لقاء القمة" بين وزير الخارجية ونظيرته من ليبيا، ستنسى في الأيام القريبة القادمة".
وأضاف: "بعد كل شيء، يوجد لنا جميعا أمور أهم وأكثر حقيقية لأن ننشغل بها من التبليغ عن لقاء عديم الأهمية تسرب أو سرب من أحد ما، ما كان يمكنه أن يضبط نفسه بشأن أفضل التقاليد الإسرائيلية".
وهاجم المؤرخ الإسرائيلي حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وكانت تنتمي لها المنقوش قبل إقالتها، وقال: "لولا التسريب وما جاء في أعقابه، لكان مشكوكا أننا سنتذكر أنه لا تزال يوجد دولة تسمى ليبيا، وأنه يوجد لها حكومة، حتى وإن كانت هذه تفتقد السيطرة على معظم أراضي الدولة، ولشدة الأسف، لولا التسريب لكان مشكوكا أيضا أننا كنا سنتذكر بأن لإسرائيل يوجد وزارة خارجية، التي هي أيضا كما تبين تؤدي مهامها بشكل جزئي ومتعثر".
ونوه إلى أنه "يوجد سبب وجيه يجعل إدارة العلاقات السرية بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية، بعضها دول معادية، تؤتمن في أيدي عناصر "الموساد"، الذين يوجدون ضمن مسؤولية ديوان رئيس الوزراء، وعلى هؤلاء يمكن التعويل بأن يبدوا ضبطا للنفس ويحفظوا السر".
وتابع: "فضلا عن الحرج الذي لا بد سينقضي، والضرر الذي لحق بصورة إسرائيل التي كمن تعرض حياة أولئك الذين يتحدثون ويتعاونون معها للخطر، ومن الواضح أنه تنشأ عن الحدث بضع استنتاجات واجبة"، لافتا إلى أنه "بعد 75 عاما من إقامة إسرائيل، وبعد أن تحولت لقوة عظمى إقليمية يدق الجميع بابها، حان الوقت لأن نتوقف عن التصرف كفقراء على الأبواب وكأننا "عشيقة في التلة"، كل من يقيم معها علاقات يخجل بها وينفي أمر وجودها"، وفق قوله.
ورأى زيسر أنه "ما كان صحيحا في السنوات الأولى من قيام إسرائيل؛ حين غازلنا يأس كل زعيم أو مسؤول عربي كان مستعدا لأن يلتقي بها أو يتلقى عبر طرف ثالث رسائل منا، وحين كنا مستعدين لأن نحتمل المذلة التي في نفي العلاقات معنا وكأننا دولة منبوذة، هذا لا ينبغي أن يكون نمط عملنا اليوم".
وزاد: "إذا كانت جملة الخرق عديمة القيمة إياها، التي تسمي نفسها حكومة ليبيا، لا تسيطر في بلادها ولا تتمتع بالاعتراف والشرعية في أرجاء العالم، لا تريد العلاقات معنا أو تخجل منها، فلتتفضل لتبحث عن أصدقاء لها في مكان آخر"، زاعما أن "ليبيا لديها ما تكسبه من وجود علاقات مع إسرائيل أكثر من مصلحتنا".
وشدد على ضرورة أن "تقيم إسرائيل علاقات سرية حتى مع دول معادية، شريطة أن تخدم مصالحها السياسية والأمنية، ولكن اتصالات دبلوماسية ورسمية وملزمة هي موضوع آخر تماما"، مضيفا: "حان الوقت لكي نكف عن الركض خلف آخرين، وأن نتعاطى مع أنفسنا بقدر أكبر من الاحترام، بل وأن نطالب من يتحدث معنا أن يحترمنا، وبخاصة في ضوء حقيقة أن مسيرة التطبيع مع العالم العربي اجتازت نقطة اللاعودة، وبعد كل شيء، معظم الدول العربية وبالتأكيد تلك الجديرة بلقب الدولة، معظم هذه الدول تقيم منذ الآن علاقات مع إسرائيل"، بحسب زعمه.
ولمن "يحتاج إلى دليل"، ذكر المؤرخ أنه "بالتوازي مع العقدة الليبية، هبطت هبوطا اضطراريا في جدة بالسعودية، طائرة معظم مسافريها إسرائيليون، واستقبلوا ببشاشة ونالوا عناية سريعة وموضوعية".
وأشار إلى أن "جدة وليست ليبيا تشكل الاتجاه الذي يسير إليه العالم العربي في علاقاته مع إسرائيل، هذه رحلة لم يعد بالإمكان وقفها، وفي هذه المناسبة، لعله حان الوقت لإعادة بناء وزارة الخارجية وإعادتها لعهدها العظيم الذي عرفته في السنوات الأولى لقيام إسرائيل، حين شكلت مصدرا مركزيا ورائدا في تصميم منظومة العلاقات الخارجية لإسرائيل وعلاقاتها مع العرب".