شهدت الأشهر الأخيرة عشرات التصريحات الصهيونية التي تحمل عبارات التهديد لقيادات وكوادر المقاومة وكانت التهديدات تنطلق على لسان المسؤولين الصهاينة في مختلف المستويات (السياسية، والأمنية، والعسكرية) وجميعها تتوعد قيادة المقاومة بالاغتيال والتصفية حال استمرت في دعم العمليات في الضفة الغربية والقدس، في محاولة لردع قيادة المقاومة، ودفعها للتراجع، وإرغامها على وقف أشكال الدعم، لكن هذه التهديدات ساهمت وبصورة مباشرة في دفع المقاومة لتصعيد عملياتها، وخلقت مرحلة جديدة من التحدي والتصميم على كسر إرادة الاحتلال، لمنعه من فرض أي معادلة في الضفة الغربية والقدس بصورة خاصة، وفي الساحة الفلسطينية بصورة عامة.
وقد لجأ العدو الإسرائيلي للتهديد المباشر باغتيال وتصفية قيادات المقاومة بعد أن فشل في مواجهة العمليات في الضفة الغربية والقدس، واستنفذ كل خياراته في مواجهة المقاومة المتصاعدة، ولم يجد خيارات أخرى سوى الاغتيال، ظنًّا منه بأن هذا الخيار يمكن أن يكون (الحل السحري) للقضاء على المقاومة وإعادة بسط السيطرة في الضفة، وتوفير الأمن لجنوده ومستوطنيه، لكنه يدرك تمامًا بأن هذا الخيار وعلى الرغم من ضرورته إلا أن له تداعيات خطيرة للغاية، خصوصًا في ظل التهديدات المستمرة على لسان قيادات المقاومة، والتي تؤكد بأن أي خطوة بهذا الاتجاه، يمكن أن تؤدي لرد عنيف وغير مسبوق من المقاومة، قد يكون هذا الرد ضمن حدود الأراضي الفلسطينية، وقد يتوسع ليضم ساحات أخرى خارج فلسطين، ويمكن أن يجر لمعركة كبيرة.
وهذا لا يعني أن العدو لن يقدم على هذه الخطوة، فالحسابات والتقديرات الخاصة بهذه الخطوة ومخاوف الاحتلال من التداعيات لا تعني أنه سيتراجع؛ لأنه مضطر للتحرك في ظل انعدام الخيارات، وفي ظل الضغط الداخلي، وفقدان الأمن، والمطالبات بتصفية قيادات المقاومة، لكن التأخير في التنفيذ له علاقات بظروف داخلية واعتبارات (أمنية، وسياسية، واستخبارية) وقد يكون دولية، وحال جاءت اللحظة والظرف المناسب، سينقض هذا العدو الغادر على هدفه بصورة مفاجئة، وهذا ما تدركه المقاومة جيدًا، وتتخذ الاحتياطات اللازمة في ضوئه.
لكن هل يمكن أن تسهم أي عملية اغتيال تستهدف قيادات المقاومة في أي من الساحات سواء في: (غزة، الضفة، سوريا، لبنان) وغيرها من الساحات، في وقف المقاومة في الضفة أو القدس أو أي من الساحات الأخرى؛ طبعًا لا، وطالما أن عملية الاغتيال ستجر ردود أفعال شديدة وقاسية، وربما أكثر من ذلك مثل الدخول في مواجهة كبيرة، فهذا يعني فشل عملية الاغتيال من اللحظات الأولى في تحقيق أي أهداف؛ لأن الهدف الرئيسي هو الردع والتأثير المباشر على العمليات، وقد جرب الاحتلال هذه السياسة وحصد نتائج صفرية، وبالمناسبة فمن صعدوا إلى مواقع القيادة بعد عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة من المقاومة، كانوا أشد صلابة وأكثر استعدادًا للتصعيد والمواجهة، وقد ساروا على ذات الطريق التي سلكها الشهداء القادة من قبلهم.
لذلك على العدو أن لا يغامر مجددًا باتجاه هذه السياسة الحمقاء؛ لأنه سيحصد مزيد من الفشل، وإذا ما دفعه غروره وغباءه إلى هذا الخيار، فإن المقاومة له بالمرصاد وسيدفع ثمن باهظ بما يوازي جريمته، ولن يكون بمقدوره إنهاء المقاومة، أو سحقها، أو حتى خلق معادلة ردع جديدة، وسيؤدي سلوكه العدواني لإشعال الأرض الفلسطينية في وجه جنوده ومستوطنيه، وحينها سيدرك أنه لا حلول سحرية للقضاء على المقاومة، وأن عقارب الساعة لن تعود للوراء مجددًا، وما عليه سوى الاستعداد للرحيل عن أرض فلسطين وإلا فإن فاتورة الحساب ستبقى مفتوحة معه.