الاحتلال الإسرائيلي يستغل منبر الأمم المتحدة لشن هجوم على من يصفهم أعداءه، وفي مقدمتهم المقاومة الفلسطينية واللبنانية وإيران، ويسوق بوضوح للتطبيع معه في المرحلة القادمة، ويحاول جاهدًا تجنيد أكبر قدر من الحلفاء والأصدقاء للمشروع الصهيوني، كما جاء في خطاب نتنياهو الذي حمل عدوانية كبيرة تجاه الفلسطينيين، وهدد بمزيد من الجرائم ضدهم.
في المقابل مَن مثّل الشعب الفلسطيني قدم خطابًا لا يرتقي لآلام ومعاناة شعبنا، وإن قدم وصفًا نحن في غنى عنه، وأصبح كل ذي عقل يعرف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بالاستيطان وتدنيس المقدسات ومصادرة الحريات والقتل والإرهاب على مدار الوقت، وخلال إلقاء رئيس وزراء الاحتلال كلمته كانت دباباته وجرافاته وجنوده يقتلون الفلسطينيين في نابلس وجنين والقدس وغيرها.
خطاب عباس في الأمم المتحدة كعادته سرد تاريخي وتوصيف، واستجداء مالي للمجتمع الدولي، الذي يذهب لقيادة السلطة، والحديث عن المقاومة السلمية التي تخلص منها في الضفة الغربية، وتجاهل المقاومة الشعبية، والمسلحة، على الرغم من عمليات القتل والإرهاب التي يمارسها الاحتلال.
خطاب لا يرتقي لتطلعات شعبنا الفلسطيني، وقضيته العادلة، وحصرها في الدعم المالي، وفي المقابل تجاهل ملاحقة الاحتلال فعليًا، وحصرها في شعارات رنانة.
المجتمع الدولي لا يحترم الضعفاء وخطابات الاستجداء، ويمقت الخطابات المكررة الفارغة من مضمونها، فهي بلا طعم ولا لون ولا رائحة.
للأسف لم يستغل هذا المنبر المهم في طرح قضايانا الوطنية والدفاع عنها بالقدر الذي يتطلع له الشعب الفلسطيني، وإن تمسك عباس بالتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي لن يجلب لنا إلا المزيد من القتل والإرهاب.
وكذلك يتجاهل عباس تمامًا وجوده في السلطة دون شرعية على مدار ما يزيد على 10 سنوات، وإفشاله كل المحاولات لإعادة بناء الصف الوطني وبناء البيت الفلسطيني، وإعاقته كل مشروع يمكن أن يسهم في بناء مقاومة فلسطينية قادرة على ردع الاحتلال ووضع حد لجرائمه.
أصبحت المقاومة اليوم هي الخيار الإستراتيجي للشعب الفلسطيني، وتشكل الحاضنة الشعبية عموده الفقري، الذي يظهر جليًا اليوم في الحالة الثورية الممتدة من أقصى الضفة الغربية إلى أقصى جنوب فلسطين.
هذه الحالة التكاملية تقوم على إستراتيجية بناء القوة لردع الاحتلال والتصدي لجرائمه، وهو الطريق الأقصر للتحرر من الاحتلال، بدلاً عن الخطابات التي تحمل الوهن والوهم.