أراد كثيرون أن يتابعوا الخطاب الذي كثر الحديث عنه ،لدرجة أن البعض أصبح يعتقد أن التحرير قادم وأن القدس ستطهر من دنس الغاصبين بعيد انتهاء عباس من خطابه الموعود . اختلف كثيرون حول موعد وساعة الخطاب ، تحدثوا عن فروق التوقيت ، اختلف الموعد بين غزة والضفة ، تساءلوا هل سيخطب عباس حسب ساعة الضفة أم غزة ، حسمت المواقع الإخبارية الخلاف وأعلنت عن الموعد السادسة بتوقيت غزة والسابعة بتوقيت الضفة . تسمر كثيرون حول الشاشة الصغيرة ، فيما لم يعر كثيرون خطاب عباس أي أهمية على الرغم من موجة "التهليل والتطبيل" التي قامت بها وسائل الإعلام المحسوبة على فتح ومنظمة التحرير لهذا الخطاب والاستحقاق التاريخي ، متذرعين كما قالوا بتكرار الكلام وموجات السخرية التي يحدثها في خطاباته كل مرة. جهاد ، محمد ، علي ، سائد ، طلال أبناء الحاج أبو جهاد جميعهم جلسوا عند الوالدة في شقتها في الطابق الأول من العمارة التي تتكون من خمس شقق سوى شقة الحاج والحاجة كما يطلقون عليها . دخل أبو جهاد مسرعاً أخد الريموت كنترول من زوجة ابنه طلال التي كانت تقلب المحطات بحثاً عن شيء يسليها وقلب سريعاً في المحطات الإخبارية ليستقر على محطة الجزيرة وإذا بأبي مازن في الأمم المتحدة يبدأ الخطاب "بسم الله الرحمن الرحيم " صمت الجميع وتكلم الرئيس ، وأخذ بسرد المعاناة التاريخية للشعب الفلسطيني ، وتناول فشل عملية المفاوضات .. لا زال الكل صامتاً ، والرئيس لا زال يتحدث ، صمت ليس علامة الرضا بالتأكيد ، فأنا أعرف أبو جهاد منذ سنوات " لا يعجبه عباس ولا صيام عباس " . لاقت كلمته في مقدمتها ارتياحاً لدى الجميع على الأقل فكما قال الشيخ طلال كما يطلق عليه إخوته " أول مرة يكون فيها عباس جدياً ويطرح المعاناة ويصفها بشكل جيد ومعبر عن شدة وقسوة الحياة في ظل الاحتلال" عاد الصمت .. وبدأ عباس يبدي استعداده للعودة على المفاوضات بعد الحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة في حدود 1967م .. وبدأت التمتمات واستمع الجميع لكامل الخطاب؟، حتى انتهى لكنه ومع نهايته بدا الجدل في بيت أبو جهاد الذي سرعان ما اكتشفت أنه جدل اتسعت رقعته لتشمل كل الأرض الفلسطينية ، لا بل تعداه للعالم أجمع. أبو جهاد وفي أول ردة فعل بعد صمته طوال فترة الخطاب عبر عن أساه بالقول " راحت علينا اسدود بعوض الله " ، ضحك الجميع .. جهاد الابن الأكبر للحاج أيد خطاب محمود عباس ، معتبراً أن عباس يخاطب العالم باللغة التي يفهمها "لغة الدبلوماسية والمسكنة وقال:" افهموا ، نريد العالم أن يسمعنا إسرائيل ورغم جبروتها وقوتها إلا أنها في كل مرة تمثل دور الضحية والدولة الضعيفة المسكينة والعالم كله يتعاطف معها لماذا لا نفعلها نحن ولو لمرة واحدة " هنا ثارت ثائرة الحاج أبو جهاد من قول ولده الذي يعرف ميله لحركة فتح وقال :" ليس المهم أن يفهم العالم ،المهم هل اسرائيل تفهم هذه اللغة ؟!" وتابع :" طول عمرنا والعرب بيحكوا عن السلام ما قدرنا العالم ولا احترمنا ولا صفق إلنا إلا لما حملنا السلاح ، يا جهاد إسرائيل لا تفهم إلا بالطخ والقتل والعمليات والكلام لا بزيد ولا بينقص ". سكت الجميع برهة ، ونطق الشيخ طلال بقوله :" يريد أن يتنازل عن 80% من فلسطين ويفاوض بعد هيك على العشرين "، وتساءل " على شو بدها تصفى دولتنا العتيدة ؟؟!". سئم الحاج أبو جهاد على ما يبدو النقاش والقيل والقال :" مش هيرجعلنا فلسطين لا الأمم المتحدة ولا مفاوضات عباس ، ما بيرجع إلي أخذ بالحديد إلا الحديد والي أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " انتهى أبو جهاد من كلامه فإذا بصوت المؤذن يصدح " الله أكبر الله أكبر " معلناً حلول وقت صلاة العشاء . قال أبو جهاد " نطق الحق " وقام مسرعاً ليتوظأ قائلاً لأولاده:" قوموا إلى الصلاة في المسجد وادعوا في السجود أن يجنبنا المنهزمين ويرزقنا جيشاً كجيش صلاح الدين ، وأن يوفق المجاهدين لتحرير الأقصى وفلسطين وأعلنوا القيام للواحد الديان تنصروا وتعزوا فلا عزة إلا بالإسلام وشريعة الإسلام ، وجهاد المسلمين ". قام الجميع وانفض مجلس الحوار العائلي ، غير أن مجالس الحوار في كل مكان من قطاع غزة أو الضفة المحتلة لم تنفض بعد ، ولا زال الشعب الفلسطيني ينتظر النتائج المترتبة على ما سمي باستحقاق أيلول ، على الرغم من تأكد كثيرين أن هذه الخطوة لن تجلب للشعب الفلسطيني شيئاً يذكر ، وأن الدول لا تعطى استقلالها ممن احتلها او سبب في احتلالها بل تنتزع انتزاعاً .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.