قالت مصادر مصرية مطلعة على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة إن حركة حماس "أبدت مرونة كاملة خلال جولة المفاوضات التي جرت أخيراً في القاهرة، حول التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار وتبادل للأسرى، وإن "إسرائيل" هي التي لا تزال تراوغ للتملص من التوصل لاتفاق".
من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم "حماس" جهاد طه، لـ"العربي الجديد"، أن الحركة "منفتحة" على أية مبادرات يقدمها الوسطاء، "تخدم" قضية الشعب الفلسطيني.
وبحسب طه فإن حركة حماس "وضعت ملاحظاتها على مقترح وقف إطلاق النار، وسلمته للإخوة الوسطاء، وعليه نحن نرفض وضع قيود على مطالب شعبنا الوطنية ومقاومته، منها عودة النازحين والانسحاب ووقف إطلاق النار وزيادة إدخال القوافل الإغاثية، فمن حق أبناء شعبنا النازحين، العودة إلى منازلهم التي هجروا منها قسراً، وحرية التنقل بعد الانسحاب والالتزام بوقف إطلاق النار".
وشدد طه على أن "من يراوغ ويماطل هو الجانب الإسرائيلي، الذي يسعى لاستمرار العدوان، رافضاً كل النداءات والمواقف الأممية. ولذلك على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في لجم مجازر وجرائم الاحتلال وإلزامه وفق القرارات الأممية التي صدرت، خاصةً وقف إطلاق النار وغيرها". وأضاف: "سنبقى منفتحين على أي مقترح ومبادرة تخدم قضايا شعبنا ضمن الجهود والمساعي التي يبذلها الوسطاء".
من جهته، علّق مصدر مصري على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن تحميل "حماس" المسؤولية عن فشل جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة، ورفضها التصور المطروح لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وقال المصدر، لـ"العربي الجديد"، إن "المفاوضات توقفت عند العقبة الرئيسية المتواصلة منذ اجتماع باريس الأول (يناير/كانون الثاني الماضي)، وفشلت في تجاوزها، في ظل تمسك الجانب الإسرائيلي، وعدم إبداء مرونة متعلقة بصياغة البند الخاص بالوقف الدائم لإطلاق النار".
وأوضح أن "المسؤولين الإسرائيليين يصرون على رفض أي صياغة محددة المدة الزمنية لوقف الحرب، ويقدمون خلال المفاوضات مواقف فضفاضة لا يمكن البناء عليها أو الاحتكام لها لاحقاً لوقف الحرب".
وأوضح المصدر أن "الحديث عن أن حماس هي الطرف المسؤول عن عرقلة المفاوضات أو التوصل لاتفاق، غير حقيقي".
وأشار إلى أنه "كان بالإمكان الضغط على حماس للقبول بأنصاف حلول إذا أبدى الجانب الإسرائيلي مرونة في مواقع الخلاف الرئيسية"، مشدداً، في الوقت ذاته، على أن "الجانب الأميركي نفسه كان أميل لتحديد موعد أو مرحلة لوقف كامل لإطلاق النار، حتى لو كانت بعيدة زمنياً".
وكشف المصدر أن "الرد الذي قدمته حركة حماس أخيراً للوسطاء، تضمن ثلاث ملاحظات رئيسية، طارحة إياها للنقاش مجدداً، إذ لم تغلق باب التفاوض".
وأوضح أن "الملاحظة الأولى تمثلت في خلو المرحلة الثالثة من تحديد موقف واحد من الوقف الدائم لإطلاق النار، فيما جاءت الملاحظة الثانية متعلقة بمسألة الشروط التي حددتها إسرائيل لعودة المواطنين للشمال (قطاع غزة)، سواء من حيث الأعداد أو التفتيش والمرور عبر البوابات الأمنية، مشيراً إلى "خطورة مثل ذلك الإجراء، في ظل ما تصفه حماس بمخالفة إسرائيل للقوانين والأعراف الدولية".
أما الملاحظة الثالثة، بحسب المصدر، فجاءت مرتبطة برفض إسرائيل السماح بتحديد أسماء الأسرى أصحاب المحكوميات العالية في السجون الإسرائيلية.
في هذه الأثناء، كشف دبلوماسي غربي بالقاهرة، مطلع على التحركات الدولية بشأن الوضع في قطاع غزة، لـ"العربي الجديد"، أنه "خلال جولة الاجتماعات التي عقدت في القاهرة أخيراً، بمشاركة المدير العام لوكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، ورئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، ورئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، والمسؤولين القطريين، بالإضافة إلى وفد حركة حماس، اتهم المسؤولون في الإدارة الأميركية حماس بعدم التعاون في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، في ظل تمسك الحركة بموقفها الرافض لتوقيع اتفاق لا يلبي المبادئ التي حددتها المقاومة مسبقاً، والتي يأتي في مقدمتها، الوقف الكامل لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من قطاع غزة".
وأضاف المصدر أنه "بناء على التصور الذي كونته الإدارة الأميركية، كان هناك توافق بينها وبين الجانب الإسرائيلي، على ضرورة توجيه رسالة ضغط على الحركة، لإثنائها عن موقفها، ودفعها للقبول بالتصور المطروح عليها من الوسطاء".
وتابع أن "الضربة التي وجهتها حكومة الاحتلال، والتي جرى خلالها اغتيال ثلاثة من أبناء رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وعدد من أحفاده، قرأها مسؤولون مصريون في هذا السياق، إلا أن الجانب الأميركي أبدى عقب ذلك استياءه من الخطوة، بعد اتضاح حجمها، وعدد الضحايا فيها"، مشيراً إلى أن "الجانب الإسرائيلي تجاوز استخدام الضوء الأخضر الأميركي، المعني بممارسة مزيد من الضغط على حماس".
وأوضح المصدر أن "الاتفاق الأميركي الإسرائيلي على توجيه رسالة شديدة اللهجة لحماس، جاء بعيداً عن الوسطاء في مصر وقطر، بعد ما اعتبرت الإدارة الأميركية، أنهم فشلوا في ممارسة ضغط على الحركة لدفعها للقبول بالعرض المطروح عليها".