أفصحت الدبلوماسية الأميركية السابقة هالة غريط في سياق مقابلة نشرت، اليوم الثلاثاء، عن أسباب استقالتها من منصبها، منهية مسيرة 18 عاماً في وزارة الخارجية الأميركية، على خلفية الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة.
وقالت الناطقة السابقة بالعربية باسم وزارة الخارجية الأميركية هالة غريط في حديث لصحيفة "واشنطن بوست"، إنها لن تكون سببا "وراء كراهية شخص ما لأميركا أكثر"، في إشارة إلى استقالتها وسياسة الدعم اللامتناهي لإسرائيل التي اتبعتها إدارة الرئيس جو بايدن خلال حرب الإبادة في غزة.
وأضافت غريط التي كانت واحدة من وجوه الدبلوماسية الأميركية في وسائل الإعلام العربية، بحسب الصحيفة، إنها شعرت أن التدفق المستمر للأسلحة الأميركية إلى إسرائيل يمكّن من حدوث الأزمة الإنسانية في غزة ويؤجج الغضب تجاه واشنطن في العالم العربي، مضيفة أن الدبلوماسيين داخل وزارة الخارجية يخشون التعبير عن وجهات نظر تتعارض مع السياسة الرسمية، على عكس معظم القضايا الأخرى خلال حياتها المهنية، حيث كانت المناقشات القوية هي القاعدة.
ونشأت غريط في نيفادا وكاليفورنيا، وتخصصت في الشؤون الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن، ثم انضمت إلى وزارة الخارجية مباشرة بعد تخرجها من كلية الدراسات العليا في جورج تاون. وخلال حياتها المهنية، عملت في مجال تمويل مكافحة الإرهاب، والتطرف العنيف في جنوب أفريقيا، ومسؤولة سياسية في اليمن، من بين مناصب أخرى، بحسب الصحيفة.
ومنذ بدء الحرب على غزة، رفضت الدبلوماسية إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام العربية حول غزة لأنها شعرت أن نقاط الحديث الرسمية من شأنها أن تؤجج الوضع، ولن تهدئه، وفقا للصحيفة. وقالت المتحدثة السابقة، إن نقاط الحديث "كانت استفزازية. لقد تجاهلوا في كثير من الأحيان الفلسطينيين تمامًا. في وقت مبكر، كان الحديث كثيرا للغاية عن عبارة "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها". نعم، لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن لم يكن هناك أي ذكر لمحنة الفلسطينيين. أنا، بضمير مرتاح، لم أتمكن من الظهور على شاشة التلفزيون العربي بهذه النقاط الحوارية. (تجنبت) كل ما كان من شأنه أن يؤدي إلى رغبة شخص ما في رمي حذائه على التلفزيون، أو الرغبة في حرق العلم الأميركي، أو الأسوأ من ذلك، إلقاء صاروخ على قواتنا"، مضيفة: "قلت: لن أكون السبب وراء كراهية شخص ما لأميركا أكثر".
وأشارت هالة غريط إلى خشيتها من أن الأطفال الذين تيتموا بسبب الحرب قد "يحملون السلاح ويسعون للانتقام"، قائلة: "نحن نروج لدائرة من الانتقام بين الأجيال لا تجعل الإسرائيليين أكثر أمنا". وذكرت الصحيفة أنه "بدلاً من إجراء مقابلات حول سياسة غزة، قالت غريط إنها ركزت على جوانب أخرى من وظيفتها، بما في ذلك مراقبة وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية لتقديم تقارير داخلية حول تغطيتها للصراع والسياسة الأميركية".
وقالت غريط: "كنت أشاهد يومياً الصور التي كانت تنتشر في العالم العربي لجميع الأطفال القتلى. كيف لا يصل إليك كإنسانة، كأم؟ وكان من المدمر معرفة أن قنابلنا هي التي قتلت هؤلاء الأطفال، على الأرجح. والأمر الأكثر تدميراً هو معرفة أنه على الرغم من مقتلهم، فإننا لا نزال نرسل المزيد من الأسلحة لأننا نعتقد بطريقة ما أن هذا هو الحل. إنه جنون. الدبلوماسية، وليست الأسلحة، هي ما نحتاج إليه".
ومضت قائلة: "إن التعبير عن المخاوف بشأن السياسة داخل وزارة الخارجية لم يكن بالأمر السهل"، مشيرة إلى أنها لم تشهد من قبل مثل هذا "الخوف والانزعاج" بين الدبلوماسيين. "الناس خائفون من التحدث مع بعضهم البعض. الناس لا يعرفون كيف يشعر الآخرون. لذلك يحاولون تقييم ما تشعر به؟ يخشى الناس ذكر غزة في العمل. إنهم يريدون فقط التظاهر بأن ذلك لا يحدث"، أضافت.
وحول بعض الآراء المتناقضة داخل إدارة الرئيس جو بايدن خلال الحرب وإرسال العديد من البرقيات عبر قناة المعارضة التابعة لوزارة الخارجية، وفقا للصحيفة، قالت الدبلوماسية إنها شعرت بأن قناة المعارضة كانت في الغالب للاستعراض وبأنها ليست طريقة مجدية لتغيير السياسة.
وأضافت: "الناس يخشون الانتقام. ماذا سيفعل هذا بمسيرتي المهنية؟ كيف سيكون رد فعل الناس؟ وهذا شيء غير عادي للغاية، لأنه طوال مسيرتي المهنية التي استمرت 18 عامًا، بغض النظر عمن كان الرئيس، بغض النظر عن السياسة، كانت هناك دائمًا محادثات داخلية قوية حول السياسة، حول ما نحن عليه. نحن نفعل الصواب، بشأن ما نفعله بشكل خاطئ. ولكن كان هناك هذا التأثير المخيف الغريب في هذا الصراع".