قالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير، اليوم السبت، إن إيران اعتقلت أكثر من 20 شخصاً تشتبه في تورطهم في المشاركة في عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، فجر الأربعاء الماضي، بالعاصمة طهران. ونقلت عن مصدرين إيرانيين مطلعين على التحقيقات أن الاعتقالات شملت مسؤولين كبارا في الاستخبارات والجيش وعاملين في المضافة التي كان يقيم فيها إسماعيل هنية لحظة اغتياله.
وخرجت "نيويورك تايمز"، في تقرير سابق الخميس، برواية مثيرة لحادثة الاغتيال تركّز على إظهار اختراق أمني كبير قام به جهاز "الموساد" الإسرائيلي للإجراءات الأمنية الإيرانية. وقالت الصحيفة نقلاً عمن قالت إنهم سبعة مسؤولين بالشرق الأوسط، بينهم اثنان إيرانيان ومسؤول أميركي، إن اغتيال إسماعيل هنية جرى عبر عبوة ناسفة هُرّبت ووُضعت داخل المبنى الذي كان يقيم فيه هنية.
وأشارت إلى أن القنبلة أُخفِيَت قبل نحو شهرين داخل المبنى، موضحة أن الحرس الثوري الإيراني هو من كان يتولى حمايته. وتتابع نيويورك تايمز أن تفجير القنبلة جرى عن بعد، عقب التأكد من وجود هنية في غرفته. وكان بيان حماس، الذي نعت فيه هنية، أشار إلى أنه استشهد "إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران"، ما وجّه التحليلات الأولى إلى فرضية أن الاغتيال جرى بصاروخ، إلا أن الجدل استمر مع تقديم روايات أخرى، ليستمر الغموض يكتنف حادثة اغتيال إسماعيل هنية، في انتظار رواية رسمية قادرة على إنهاء الجدل.
واعتبرت "نيويورك تايمز" في تقريرها اليوم أن حملة الاعتقالات رداً على عملية الاغتيال تشير إلى الشعور بالفشل الأمني الكبير في أوساط القيادة الإيرانية، نظراً لوقوعها داخل مبنى شديد الحراسة في قلب العاصمة طهران، بعد ساعات من المراسم الرسمية لتنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان. تعليقاً على ذلك، قال مدير الشأن الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية، علي فايز "النظرة إلى أن إيران لا تستطيع أن تحمي أراضيها وحلفاءها الرئيسيين قد تكون كارثية بالنسبة للنظام الإيراني، لأن الحادث مبدئياً يبعث إشارات إلى خصومه بأنه إن لم يكن في وسعهم إسقاط الجمهورية الإسلامية، فهم قادرون على قطع رؤوس في النظام".
وفي التفاصيل، قالت "نيويورك تايمز"، نقلا عن المسؤولين الإيرانيين، اللذين ذكرت أنهما فضّلا عدم كشف هويتهما نظراً للطبيعة الحساسة للتحقيقات، إن وحدة الاستخبارات الخاصة بالحرس الثوري الإيراني هي من تتولى التحقيق فيما جرى، وهي من تلاحق المشتبه بهم، على أمل الوصول إلى الفريق الذي خطط لعملية الاغتيال وساعد في تنفيذها.
وخلصت إلى أن العملية التي استُشهد خلالها كذلك المرافق الشخصي لهنية، وسيم أبو شعبان، ليست فحسب انهياراً مدوياً للاستخبارات والأمن، ولا فشلاً في حماية حليف رئيسي، ولا دليلاً على عدم القدرة على التصدي لتغلغل جهاز الموساد، ولا صفعة موجعة لصورة إيران، بل هي كل هذه الأمور وأكثر. وأضافت أن اغتيال إسماعيل هنية يوصّل رسالة مقلقة بألا أحد في مأمن إذن مادامت إسرائيل قادرة على استهداف ضيف بهذه المكانة، في يوم كانت فيه العاصمة تعيش على وقع تدابير أمنية مشددة، وتنفيذ هجومها في مبنى مزود بنوافذ مضادة للرصاص، ومحمي بمنظومة دفاع ورادار.