14.97°القدس
14.74°رام الله
13.69°الخليل
17.68°غزة
14.97° القدس
رام الله14.74°
الخليل13.69°
غزة17.68°
الإثنين 03 فبراير 2025
4.44جنيه إسترليني
5.1دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.74يورو
3.61دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.44
دينار أردني5.1
جنيه مصري0.07
يورو3.74
دولار أمريكي3.61

ما رأيته كان "جحيما"

طبيب بريطاني عمل بغزة يدين موقف بريطانيا إزاء العدوان

أعرب الجراح البريطاني نظام محمود، الذي تطوع للعمل في قطاع غزة ضمن فريق طبي تابع لمؤسسة المساعدة الطبية للفلسطينيين (MAP)، عن خجله وإدانته الشديدة لدور بريطانيا في العدوان الإسرائيلي الذي استمر 15 شهرا على قطاع غزة.

وانتقد الطبيب في مقال نشرته صحيفة "الغارديان"، موقف حكومة بلاده التي رفضت إدانة دولة الاحتلال رغم جرائم الحرب التي ارتكبت بحق المدنيين في غزة، وقال: "أشعر بالخزي لأن المملكة المتحدة لعبت دورا في هذه المأساة، وحكومة حزب العمال التي كنت أدعمها رفضت إدانة إسرائيل رغم انتهاكاتها الصارخة".

وقال إن أكثر من 30 طبيبا وممرضا بريطانيا ممن عملوا في غزة العام الماضي بعثوا رسالة إلى زعيم حزب العمال كير ستارمر تفيد بأنهم رأوا "أدلة منتظمة على الاستهداف المتعمد للأطفال"، وهو ما أكده أيضا 99 عاملا صحيا أمريكيا في رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.

وكشف محمود، الذي عمل سابقا أستاذا لجراحة زرع الأعضاء في بريطانيا، عن مشاهد مروعة عاشها خلال عمله في القطاع، واصفًا الأوضاع هناك بأنها "جحيم نزل بالأطفال".

وقال إنه لم يكن يتخيل أن يجد نفسه يوما يجري عملية جراحية لطفل يبلغ من العمر ثماني سنوات ينزف حتى الموت، في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية. وأضاف: "شعرت بموجة ساحقة من الغثيان وأنا أحاول استخراج الدم بيدي. كنت قلقًا من أن الطفل لن ينجو، لحسن الحظ، نجا، لكن الكثيرين لم يكونوا محظوظين".

وأشار الطبيب البريطاني إلى أن الوضع في مستشفى ناصر كان أشبه بـ"فوضى لا يمكن تصورها"، حيث كانت العنابر مكتظة، والأسرة تتكدس في الغرف والممرات، وحتى على الشرفات. وأوضح أن النظافة كانت معدومة، وأنه "في عدة مناسبات، قمت بفحص إصابات الجروح ووجدت ديدانًا زاحفة. اضطر زميلي في العناية المركزة إلى إزالة الديدان من حلق طفل عندما وجدها تسد جهاز التنفس الصناعي".

وأضاف أن الإمدادات الطبية كانت محدودة للغاية، حيث إنه "كثيرا ما كان الصابون والشامبو وجل التنظيف ممنوعة من الدخول إلى غزة، وكانت المستلزمات الطبية تخضع لقيود استيراد مشددة".

وتحدث محمود عن المخاطر التي تعرض لها العاملون في المجال الطبي، مشيرا إلى أن "غزة أصبحت المكان الأكثر خطورة للعمل في العالم، حيث قُتل أكثر من 300 عامل إغاثة و1000 من العاملين في المجال الصحي منذ بداية الحرب".

وأكد الطبيب البريطاني أن معظم الحالات التي عالجها كانت من النساء والأطفال، مشيرا إلى أن استهداف الأطفال كان ممنهجا، حيث قال: "كان من المزعج بشكل خاص رؤية أطفال مصابين بإصابة واحدة، رصاصة في الرأس، والتي كانت بوضوح نتيجة لنيران قناصة متعمدة".

ووصف كيف أصيب طفل يبلغ من العمر سبع سنوات برصاص طائرة مسيرة إسرائيلية أثناء محاولته الفرار من القصف، قائلا: “أصيب بجروح في الكبد والطحال والأمعاء، وكان جزء من معدته بارزا من صدره. كنت سعيدا جدا برؤيته على قيد الحياة، لكن معظم الحالات لم تكن محظوظة".

وأوضح أن المستشفى كان يستقبل يوميا "حادثتين أو ثلاثًا من الحوادث التي تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، ما يحول قسم الطوارئ إلى دوامة من الجثث والدماء والأنسجة والأطفال الصارخين، وكثير منهم فقد أطرافه"، مضيفا أن مثل هذه الحوادث كانت تؤدي عادة إلى سقوط 10 إلى 15 شهيدا، و20 إلى 40 مصابًا بجروح خطيرة.

وأشار محمود إلى أن الأطباء والموظفين المحليين في المستشفى كانوا يعملون تحت ضغط هائل، وقال إنه "بالإضافة إلى الظروف السائدة في المستشفى، فإنه كان عليهم أيضًا أن يتعاملوا مع العيش في ‘خيام’، وهي عبارة عن قطع من السجاد مثبتة على أعمدة خشبية، دون مياه أو صرف صحي".

وأضاف أن المستشفى كان يرتعد بانتظام من القنابل القريبة، موضحا أنه "مثل معظم المستشفيات الأخرى، تعرض مستشفى ناصر للهجوم في فبراير/ شباط الماضي، ما أسفر عن مقتل العديد من الموظفين والمرضى". ولفت إلى أنهم كانوا يعملون أحيانا "لمدة 24 ساعة متواصلة، وسط قلق دائم من أن القصف المنتظم بالقرب من المستشفى قد يستهدفنا يومًا ما".

وشدد على أنه "لم يرَ أي دليل على وجود حماس داخل المستشفى أو خارجه، ولم تكن هناك قيود على حركتنا"، ما يناقض الادعاءات الإسرائيلية المتكررة حول استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية.

وأشار الطبيب البريطاني إلى أن الفلسطينيين "يشعرون بأنهم يتعرضون لإبادة جماعية"، مضيفًا أن "خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية والعديد من المنظمات الأخرى خلصوا إلى أن تصرفات إسرائيل قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية".

وقال محمود "حتى لو صمد وقف إطلاق النار، وهو ما يبدو مشكوكا فيه بشكل متزايد، فسوف يستغرق الأمر سنوات لإعادة بناء غزة، سواء جسديا أو كمجتمع".

وختم مقاله بمطالبة المجتمع الدولي بالمحاسبة، مؤكدًا أن "القصف ربما توقف الآن، لكن ضرورة محاسبة أولئك الذين ارتكبوا الجرائم ليست أقل إلحاحا".

المصدر: فلسطين الآن