حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الخميس الماضي، من أن العاصمة طهران قد تضطر إلى الإخلاء في حال استمرار انخفاض هطول الأمطار، مشيرا إلى أن الأزمة المائية الحالية تمثل تهديدا خطيرا على سكان المدينة البالغ عددهم نحو 9.1 ملايين نسمة، بينما يصل عدد سكان المحافظة كاملة إلى 14.5 مليون نسمة.
وذكرت صحيفة "اعتماد" الإيرانية أن بزشكيان تناول خلال اجتماع عقده في مدينة سنندج غربي إيران مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار والتضخم الحاليين ناتجان عن سياسات داخلية خاطئة مرتبطة جزئيا بالعقوبات المفروضة على البلاد. وأضاف بزشكيان أن إيران تواجه "أزمات طبيعية" تشمل نقص الأمطار والموارد المائية، وأن لهذه الأزمات "عواقب وخيمة" على المجتمع والاقتصاد.
وأكد الرئيس الإيراني على ضرورة ترشيد استهلاك المياه وتحسين إدارتها، محذرا من أن نقص المياه في طهران يثير قلقا خاصا، موضحا: "إذا لم تمطر، فسنضطر إلى فرض قيود على استخدام المياه في طهران بدءا من الشهر المقبل. وإذا لم تمطر بعد ذلك، فسنعاني من شح المياه وسنضطر إلى إخلاء طهران".
واعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن بزشكيان وصف الوضع بأنه "حرج للغاية"، مشيرة إلى أن سدود طهران الرئيسية استنفدت إلى مستويات لم تشهدها منذ نحو 60 عاما. ووفقا لبيانات المسؤولين الإيرانيين، يبلغ احتياطي سد لاتيان، أحد السدود الرئيسية، 9% فقط من طاقته التخزينية، في حين لا يحتوي خزان أمير كبير سوى على 6% من المياه المفترض تخزينها، في رقم غير مسبوق.
وأشار تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" إلى أن العاصمة الإيرانية تدخل عامها السادس على التوالي من الجفاف، بينما حذرت هيئة مياه محافظة طهران في تموز/يوليو الماضي من أن منسوب المياه في السدود التي تغذي المدينة وصل إلى أدنى مستوى له منذ قرن، نتيجة انخفاض معدلات هطول الأمطار بنحو 40% عن المتوسطات الموسمية خلال السنوات الخمس الماضية.
وذكرت قناة "فرانس 24" أن جميع السدود الرئيسية التي تزود طهران بالمياه تقريبا قد تم تفريغها منذ عام 2024، حيث سجل بعضها انخفاضا يزيد على 90%. وأضافت التقارير أن الأزمة المائية أثرت بشكل مباشر على إنتاج الكهرباء، إذ تعتمد إيران على الطاقة الكهرومائية والوقود الأحفوري، لكن نقص المياه أدى إلى تعطيل العديد من المحطات بسبب عدم توفر مياه التبريد.
وفي سياق مرتبط، انتقد عضو البرلمان الإيراني رضا سباهوند سياسات الدولة في توزيع المياه، قائلا: "لقد حولنا مجرى الأنهار لبناء صناعات في أماكن لم يكن من المفترض وجود مصانع فيها أصلا". كما أشارت وزارة الزراعة الإيرانية إلى أن نحو 80% من المياه تستخدم في الزراعة عبر تقنيات قديمة تستنزف المياه الجوفية، ما يفاقم أزمة الكهرباء والجفاف.
بدأت العواقب المناخية للجفاف تظهر على الأرض؛ فالعواصف الغبارية تهاجم طهران ومحيطها، وبحيرة أورميا في شمال غرب إيران، التي كانت من أكبر البحيرات عالميا، أصبحت شبه جافة، تاركة صحراء مالحة واسعة تشكل تهديدا للمدن القريبة.
ويأتي تحذير الرئيس بزشكيان بعد تحذيرات سابقة من المدير العام لهيئة مياه طهران بهزاد بارسا، الذي أكد أن احتياطيات السدود لن تكفي لتزويد العاصمة بالمياه إلا لمدة أسبوعين إضافيين كحد أقصى، مما يضع طهران أمام سيناريو كارثي في حال استمرار انخفاض الأمطار.
