استأنفت "إسرائيل" حربها على قطاع غزة بسلسلة من الغارات العنيفة التي أسقطت مئات القتلى والجرحى، بعد شهرين من إعلان وقف لإطلاق النار في القطاع، وكانت إسرائيل وحركة حماس توصلتا إلى اتفاق في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، لوقف إطلاق النار، يتضمن ثلاث مراحل، كان من المفترض أن يستمر بشكل دائم بمجرد الدخول في مرحلته الثانية.
وبعد عودة الحرب إلى قطاع غزة، يزداد الوضع تعقيدا بشكل متسارع، بعدما كانت الهدنة قد فتحت أبواب الأمل لنهاية الحرب، وعودة الحياة إلى مدن وأحياء قطاع غزة المدمرة، وخروج الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وفي 16 فبراير/ شباط من العام الماضي، اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي مجمع ناصر الطبي، في خان يونس جنوبي القطاع، واعتقلت عددا من الطواقم الطبية بينهم مدير المستشفى الطبيب ناهض أبو طعيمة، وبعد سنة من اعتقاله تناشد زوجته الطبيبة راوية الحرازين، لإخراج زوجها من المعتقل بعد تردي وضعه الصحي.
وتقول الطبيبة راوية: "الطبيب ناهض أبو طعيمة مريض بالقلب، ويعاني من رفة على القلب وارتفاع في ضغط الدم غير مستقر، ويحتاج إلى أدوية من نوع خاص وعلاجات، وهذا لا يقدم داخل السجن، وعلى مدار أشهر طويلة لم نكن نعلم عنه شيء، وفي الفترة الأخيرة سمح له بإدخال بعض الأدوية إلى السجن، لكن هذه الأدوية غير فعالة لحالته الصحية، والأدوية المناسبة لوضعه تم رفض إدخالها إلى السجن".
وتشير الطبيبة راوية إلى أن الطبيب أبو طعيمة، لم يكن يهمه ما كان يحدث خارج أسوار المستشفى، وكل جهده وتركيزه انصب على مساعدة الجرحى والمرضى وإنقاذ حياتهم، وكان يعمل ما في وسعه لإنقاذ حياة المصابين رغم قلة الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية المتوفرة.
وتعيش الطبيبة راوية الحرازين، مع خمسة أطفال في خان يونس جنوبي القطاع، وتواجه ظروفا صعبة، وتقول: "زوجي كان هو السند في الحياة، ودائما أطفالي يسألون عن والدهم، أين هو ولماذا تم اعتقاله، وأنا أقول لماذا تم اعتقال زوجي، وأناشد العالم أين جريمة زوجي لماذا لا يتم الإفراج عنه، وفي غياب زوجي، أصبحت أنا الأم والأب لأطفالي، وهذا أمر صعب علي، وفي شهر رمضان نحتاج لكي يكون زوجي معنا".
طبيب الأسرى
ويروي الأسير المحرر من قطاع غزة أسعد عصفور، عن الطبيب ناهض أبو طعيمة، وكيف كان يعكف على علاج الأسرى بأبسط الوسائل المتاحة داخل السجن، ويقول عصفور لوكالة "سبوتنيك": "الكادر الطبي المعتقل هم أكثر فئة عانت داخل السجون، وقد تم استهدافهم بشكل خاص، وبطرق ووسائل تعذيب مختلفة وقاسية، وكان الطبيب ناهض رغم ذلك يقوم بمساعدة الأسرى وتقديم العلاج لهم، وحتى أنه قام بعمل عمليات للأسرى باستخدام قطع معدنية صغيرة وحادة، كانت متوفرة داخل السجن، وكان أخي أسير أيضا ومصاب بمرض السكري وتابع الطبيب ناهض حالته الصحية بشكل مستمر".
ويضيف: "داخل الأسر أصيب عدد كبير من الأسرى بفيروس، وقد كان للطبيب ناهض دور كبير في مساعدة الأسرى في هذا الأمر، ولقد لاحظنا أنَّ الطبيب أبو طعيمة يعاني من تعب وإجهاد وهو مصاب بمرض القلب أيضا وحالته تزداد سوء داخل السجن، وأتمنى أن يتم الأفراج عنه وعن جميع الأسرى في القريب العاجل".
ويعاني الطبيب ناهض أبو طعيمة داخل السجن، من ظروف صحية على مدار عام كامل من الاعتقال، وتقول زوجة الطبيب ناهض أبو طعيمة: "لماذا الجيش الإسرائيلي ما زال يعتقل زوجي، ما فعل الطبيب ناهض، هو كان يعالج المرضى والمصابين، وأناشد لإخراجه من الأسر، لأن حالته الصحية صعبة، وحتى وقت خروج زوجي ورؤيته حرا، سأبقى صامدة وقوية لأجل أطفالي، ولأجل المرضى الذين أشرف على حالتهم الصحية، أنا وأطفالي أقوياء، وننتظر خروج زوجي من الأسر قريبا إن شاء الله".
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعتقلت إسرائيل آلاف المدنيين الفلسطينيين، من بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني، حيث يواجهون ظروف مأساوية داخل السجون الإسرائيلية، وكشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، عن حقائق مروعة بشأن ما يعرض له الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية، ونقل شهادات عن حالات تعذيب وحشي وتجويع وعقوبات جماعية، وممارسات مروّعة، وأساليب تعذيب مختلفة، تعرّضوا لها في أقبية السجون الإسرائيلية.
ونشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني ورقة تفصيلية لأبرز المعطيات عن أعداد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حتى شهر يناير 2025، وبحسب الورقة فإن "إجمالي أعداد الأسرى أكثر من 10400، لا يشمل معتقلي غزة كافة خاصة من هم محتجزون في المعسكرات التابعة للجيش".