هاجم عشرات الناشطين عبر منصات التواصل الاجتماعي البيان الصادر عن رئاسة السلطة الفلسطينية، الذي أدان ما وصفه بتصرفات حركة "حماس" غير المسؤولة، متهمين الرئيس بإهمال شعبه والوقوف إلى جانب الاحتلال في عدوانه على غزة.
واعتبر ناشطون أن ما رد في البيان "معيب"، ولا يمثل الفلسطينيين كونه يُعفي الاحتلال من المسؤولية عما ارتكبه من جرائم، التي راح ضحيتها أكثر من 450 من أبناء الشعب الفلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، في العدوان المتواصل منذ فجر أمس الثلاثاء.
وكتب الصحفي عميد شحادة "راقبت طوال اليوم البيانات حول المجزرة في غزة. الوحيدون في العالم الذين أدانوا الفلسطينيين هم: أميركا التي قررت حرق غزة وتحويلها إلى جحيم، والمستعمرة الأمريكية إسرائيل التي نفذت الإبادة من جديد، والرئاسة الفلسطينية.
وأضاف متسائلا "حتى دول التطبيع لم تقل إنها تدين طرفا فلسطينيا، فما الذي جرى في الرئاسة؟ من الذي يكتب بيانات الرئاسة الفلسطينية حتى تصدر بهذا التطابق مع مرتكبي الإبادة؟".
ولفت شحادة إلى أن الرئاسة أصدرت في البداية بيانا صريحا يدين المجزرة ويحمل الاحتلال المسؤولية، ثم تحت عنوان تحديث البيان أضافت الرئاسة الجملة الأخيرة التي تعبر عن وجهة نظر الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي.
واعتبر الصحفي شحادة أن تلك الاضافة في البيان التي تبرر إبادة الشعب الفلسطيني كتبها إما جهاز "الشاباك" أو "سي آي إيه" أو "العملاء العرب"، متسائلا "من تابع بيانكم الأول وكتب لكم التعديل الذي يبرر إبادة شعبكم؟ الشاباك؟ سي آي إيه؟ العملاء العرب؟ من؟
أما الحقوقي الفلسطيني عمار جاموس فكتب على صفحته في "فيسبوك": "يا للعار! هذا البيان لا يمثلني ولن يكون باسمي، ولذلك أرفضه علناً. إسرائيل هي المدانة، وهي المسؤولة عمَّا يجري في قطاع غزة، هي والولايات المتحدة اللتان نقضتا اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف: "إذا كان هناك شيء آخر يستحق الإدانة، فهو هذا البيان، وموقف "الرئاسة" المتفرج منذ بداية العدوان، ورفضها المستمر لأي صيغة للوحدة الوطنية".
وتساءل جاموس قائلاً: "هل موقف حماس بالتمسك باتفاق 17 يناير (الذي وُقِّع في الدوحة بين المقاومة والاحتلال)، وإصرارها على شرط وقف إطلاق النار الدائم (إنهاء الحرب)، ورفضها التنازل عنه، يُعتبر تصرفاً غير مسؤول يستحق الإدانة؟! ومن يحق له إدانة الفلسطيني نفسه؟! وأي فلسطيني هو من يتحدث باسمنا؟! ما هذا الحال؟!" على حد تعبيره.
أما الناشطة الفلسطينية ولاء زكارنة من، فرأت أن تلك الاضافة في بيان عباس متوقعة في ظل الرفض المستمر من طرفه لتنفيذ إعلان المصالحة الوطنية، الموقع بين فتح وحماس والفصائل الأخرى في تموز/يوليو 2024 بالعاصمة الصينية بكين.
وتابعت في تدوينة لها قائلة: "ما زال رئيس السلطة، بكل أسف، يرفض حتى هذه اللحظة تنفيذ ما التزم به... يجب دعوته علناً للوفاء بالتزاماته الآن وفوراً، بدلاً من توزيع الاتهامات وإلقاء اللوم والكلام المجرد".
وأكدت أن ذلك مطلوب "حتى لا نندثر وتُصَفَّى قضيتنا الوطنية، وتُبَدَّد تضحيات الشعب الفلسطيني التي قدمها على مر أكثر من مئة سنة في سبيل تحرره".
بدوره، كتب الإعلامي إيهاب الجريري تدوينة تحت عنوان "وعند الرئاسة الخبر اليقين"، قائلاً: "الكثير من الناس تسأل لماذا إسرائيل بسهولة ترتكب بحقنا المجازر؟! بيان الرئاسة الفلسطينية هو الحل، وقدم الإجابة الشافية والوافية، تماماً لهذا السبب تُصدر البيانات، إسرائيل ترتكب المجازر فينا بسهولة".
وأضاف: "هناك من يفسر دور الرئاسة بشكل خاطئ، ومنذ ذلك الحين لم نرَ الخير، أحبائي، الله يرضى عليكم، أو يغضب عليكم، جميعها واحدة، ولكن من لا يحقق الخير لشعبه في ظل مجزرة كهذه لن يكون خيراً، فعلاً، من استحوا ماتوا".
كما قال الناشط ياسين عز الدين إن "العالم كله أدان عدوان الاحتلال الجديد على غزة، باستثناء أمريكا وسلطة أوسلو اللتان تبحثان عن ذرائع لتبرير العدوان".
وأضاف: "هذا البيان صدر قبل قليل باسم محمود عباس عن العدوان على غزة، وفي ختامه جملة قوية: 'ندين تصرفات حركة الأخضر غير المسؤولة'... وهي جملة لا علاقة لها بالموضوع، أُقحمت إقحاماً لإرضاء ترامب!".
ويرى عز الدين أن "السلطة باختصار هي أداة من أدوات الاحتلال، ولن ينصلح حالنا إذا اعتبرناها جزءًا من شعبنا".
يذكر أن رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله أدانت، أمس الثلاثاء، "العدوان الإسرائيلي" على قطاع غزة، مضافةً إلى ما وصفتها بـ"تصرفات حماس غير المسؤولة" عقب تجدد العدوان الإسرائيلي على القطاع.