26.68°القدس
26.44°رام الله
25.53°الخليل
29.1°غزة
26.68° القدس
رام الله26.44°
الخليل25.53°
غزة29.1°
الثلاثاء 13 مايو 2025
4.7جنيه إسترليني
5.03دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.96يورو
3.57دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.7
دينار أردني5.03
جنيه مصري0.07
يورو3.96
دولار أمريكي3.57
د. فايز أبو شمالة

د. فايز أبو شمالة

غزة وانهيار سلاح التجويع

بعد أن عجز العدو الإسرائيلي عن تحقيق النصر المطلق على أهل غزة من خلال القتل والقصف والتدمير والترويع، لجأ إلى سلاح التجويع، بهدف الضغط على أهل غزة، وإخراجهم من دينهم وصمودهم، ليثوروا على واقعهم، ويعيشوا حياة الانفلات الأمني، والسطو المسلح، والاقتتال الداخلي، وانهيار القيم الأخلاقية، وتدمير النسيج المجتمعي، ليبدو التدخل الإسرائيلي في حياة الناس بمثابة المنقذ والمخلص لأهل غزة.

تجويع أهل غزة جاء ضمن خطة عمل إسرائيلية استراتيجية، وجاءت استجابة لنصائح الجنرال الإسرائيلي غيورا أيلاند، واستجابة لتوجهات الكثير من الوزراء المتطرفين داخل الحكومة، على افتراض أن كل أهل غزة هم حركة حماس، وأن المستهدف من العقاب صغيرهم قبل كبيرهم، وأن تدمير مقومات الحياة لدى أهل غزة هي أولى النتائج المطلوب تحقيقها من حصار التجويع، والهدف النهائي لهذا المخطط هو التهجير.

ضمن هذا الواقع المأساوي لأهل غزة، وضمن هذه المعادلة الظالمة من الصمت العربي، والتجاهل الدولي لمعاناة أهل غزة، جاءت مبادرة إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر مقابل إدخال المساعدات الإنسانية لأهل غزة، وذلك يعني عملياً كسر الحصار، وإفساد مخطط التجويع الهادف إلى التركيع، وهذه الخطوة الجريئة بمثابة ضربة قاصمة للمخطط الإسرائيلي الكبير، الذي كان يهدف إلى قصم ظهر غزة، تمهيداً لنزوح أهل غزة من الشمال إلى الجنوب بحثا ًعن رغيف الخبز، وهذا ما تحدث به نتانياهو بصراحة، في لحظة انفعال، حين اتهمه الضباط الإسرائيليون بأنه يخوض حرباً ضد غزة بلا هدف أمني، وأن الحرب على غزة حرب سياسية تخدم مصالحة الشخصية والحزبية، وهنا ثار نتنياهو في وجه الضباط، وراح يضرب بقبضته على الطاولة، قائلاً: «نحن ندمر غزة عن بكرة أبيها، ويجب ألا يكون لهم مكان سليم يعودون إليه، ويعيشون فيه، يجب أن يرحلوا" وكي لا يرحل أهل غزة، لا بد من توفير رغيف الخبز، وهذا ما ستقوم به أمريكا، التي أمست ملزمة أخلاقياً وسياسياً وأدبياً وإنسانياً بالضغط على العدو الإسرائيلي لإدخال المساعدات الإنسانية، ولا مناص للعدو إلا الرضوخ صاغراً للضغوط الأمريكية، وتسهيل دخول المساعدات التي ستفسد مخططات التجويع الإسرائيلية.

إدخال المساعدات إلى غزة رسالة إلى كل دول العالم، بأن حصار غزة غير قانوني، وغير شرعي، وغير أخلاقي، وان الصمت على حصار غزة يتنافى مع حقوق الإنسان، ويتعارض مع الإنسانية التي تدعي تمثيلها الكثير من الدول الأوروبية. إدخال المساعدات الإنسانية إلى أهل غزة أزاح عن ظهر المفاوض الفلسطيني جبالاً من المسؤولية، وأثقل ظهر المفاوض الإسرائيلي بجبال من الحرج والإرباك أمام المجتمع الدولي بشكل عام، وأمام المجتمع الإسرائيلي بشكل خاص، بعد أن أفاق من سكرة القدرة على فعل ما يريد، إلى صحوة العجز أمام صمود أهل غزة، وبطولات رجال القسام، الذين فرضوا معادلات جديدة في ميدان المواجهات.

الساعات القادمة، والأيام القادمة ستحمل المزيد من البشائر إلى أهل غزة، بدءاً من إدخال المساعدات الإنسانية، إلى فتح المعابر على مصراعيها، وليس انتهاءً بوقف إطلاق النار، وإعادة الاعمار، والحياة لأهل غزة بأمن واستقرار.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن