منذ بدء حرب الإبادة في غزة، ركزت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي على تدمير المباني والمنشآت ونسف معالم البنية التحتية، في محاولة لتحويل القطاع إلى منطقة غير صالحة للسكن.
وقد هدفت هذه السياسة، إلى جانب سياسة التهجير القسري، إلى حرمان المقاومة الفلسطينية من القدرة على التخفي، أو التحرك، أو نصب الكمائن لقوات الاحتلال. غير أن ركام المباني المهدمة تحوّل، في كثير من الحالات، إلى ميزة تكتيكية استثمرتها المقاومة الفلسطينية بفعالية، كما ظهر في عدد من الهجمات التي استهدفت جنود الاحتلال.
وبحسب تقرير لصحيفة /جروزاليم بوست/ الإسرائيلية، فقد عُرضت سياسة تدمير المنازل في غزة في وسائل الإعلام وبين الأوساط السياسية داخل دولة الاحتلال كخيار "مبرر"، بزعم أن المقاومين الفلسطينيين يستخدمون هذه المنشآت كملاذات آمنة.
وتُشير الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي زعم تطهير العديد من المناطق الحضرية، مثل جباليا، غير أن "حماس" تعود باستمرار للانتشار في هذه المناطق بعد انسحاب الجيش.
وتدعي الصحيفة أن "حماس" لا تزال تُحكم سيطرتها على المخيمات المركزية ومدينة غزة، مدركةً تردد جيش الاحتلال الإسرائيلي في إعادة الدخول إليها.
وبهذا، تشعر الحركة بنوع من الأمان النسبي في نحو 30 بالمئة من مساحة القطاع، مما يُمكّن مقاوميها من التسلل إلى 60 - 70 بالمئة من المناطق الأخرى، بانتظار فرص استهداف مناسبة.
ووفق التقرير، فإن هذا ما تقوم به حماس وفصائل مقاومة أخرى بالفعل؛ إذ تُعيد الخلايا إلى مواقع الأنقاض، وتنتظر مرور آليات الاحتلال أو الكشف عن مسارات تحركه. وقد جسّدت الهجمات القاتلة في بيت حانون وخان يونس، خلال الأسابيع الأولى من يوليو/تموز، هذا النمط الجديد من التكتيك.
وفي تقريرها الصادر اليوم الأربعاء، تساءلت الصحيفة الإسرائيلية عن جدوى سياسة تدمير المباني، مشيرة إلى أن نتائجها "قد تكون عكسية". وأضافت: "ليس من الواضح حجم الدمار الذي أصاب غزة، لكن يبدو أن جزءًا كبيرًا من المناطق التي يعمل فيها الجيش قد تضرر بشدة".
وأشارت كذلك إلى أن "حماس تمكنت من كبح جماح عدة فرق من جيش الاحتلال طوال 648 يومًا من الحرب، ويبدو الآن أنها تتكيّف مع المعطيات الميدانية الجديدة".
وأضافت الصحيفة: "إن أحداث خان يونس وبيت حانون توضح الحاجة إلى دراسة وتقييم تكتيكات حماس بدقة، فالأنقاض المنتشرة في معظم أنحاء غزة قد تشكّل تهديدًا لا يقل فتكًا عن المقاومين المختبئين أنفسهم".
وتواصل قوات الاحتلال، بدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 197 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين.