اعترفت أصوات إسرائيلية أنّ سياسة الاغتيالات التي تنفذها تل أبيب تعد فاشلة في تحقيق "نتائج استراتيجية"، رغم الاحتفاء في أوساط تل أبيب بعمليات الاغتيال الأخيرة التي وقعت في اليمن وغزة.
وطرح الكاتب الإسرائيلي نير كيبنيس في موقع "ويللا" العبري سؤالا في مقال: "ما الذي سأجنيه من القضاء على حكومة الحوثيين؟ هل سيتوقفون عن إطلاق الصواريخ؟ وهل سيرفعون الحصار عن الممرات البحرية؟"، مضيفا: "إذا كانت الإجابة نعم، فإني أرفع قبعتي احتراما لمن قرر الاغتيال".
واستدرك كيبنيس بقوله: "لكن المشكلة الوحيدة في هذا المنطق هي التاريخ، القريب والبعيد، لأن الاغتيال هذه المرة قوبل بتجاهل تام، وفي الشارع الإسرائيلي، وعلى مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، سادت حالة من اللامبالاة".
وتابع: "اغتيال حكومة اليمن تعيد الى الأذهان عملية تصفية يحيى عايش، الملقب بـ"مهندس حماس"، وربما كان أشهر اغتيال لمسؤول فلسطيني كبير، حيث انبهر الإعلام حينها، وفي يناير القادم، بعد أربعة أشهر ونصف، سنحتفل بالذكرى الثلاثين لتلك العملية التي تمت في يناير 1996، وأحبطت مخططات دموية لمن يُعتبر العقل المدبر وراء أفظع الهجمات المسلحة والتفجيرية، لكن السؤال: كم إسرائيليًا قُتلوا منذ ذلك الحين في هجمات مماثلة، الإجابة معروفة".
وأوضح أن "الإجابة لا تهم كثيرا من يعتقدون من الاسرائيليين أنه يجب إبادة آخر الفلسطينيين، لكن من وجهة نظر تاريخية فإن لتلك الاغتيالات لم يكن لها عواقب وخيمة على قوى المقاومة، بدليل أنه بدلًا من المهندس العظيم عياش، فقد تم إنتاج أجيال جديدة من مهندسي الموت، بعضهم قُضي عليه بالفعل، وكان لهم أيضًا خلفاء، وهو ما يذكرنا أيضا باغتيال عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله في 2008، فهل غيّر اغتياله استراتيجية الحزب بأي شكل من الأشكال".
ولفت إلى أن "طرح الأسئلة يمكنه أن يتواصل، ليس فقط في التاريخ البعيد، بل والقريب أيضا، فهل حال اغتيال الشيخ أحمد ياسين دون تقوية حماس التي نفذت هجوم السابع من أكتوبر، وهل كان لاغتيال يحيى السنوار ومحمد ضيف عواقب أدت لانقراض الحركة في غزة، صحيح أن جميع المذكورين أعلاه ملطخة أيديهم بدماء العديد من الإسرائيليين، وقد سررنا لحظة لاغتيالهم، وتعجّبنا من دقة التنفيذ، لكننا سرعان ما انجرفنا مرة أخرى إلى الروتين الدموي للشرق الأوسط".
وأشار إلى أن "ما ينطبق على غزة ولبنان ينطبق أيضًا على اليمن وإيران، فالهجوم على إيران لم يكن أقل إثارة، وأجهزة الاستخبارات حول العالم أبدت إعجابها بالموساد نظرا لدقّته الاستخبارية التي مكّنت من اغتيال كبار المسؤولين العسكريين والمشروع النووي، ومع ذلك فإنه من السابق لأوانه التأكد من تحقيق هذا الهجوم المذهل لإنجازات باهرة مهما تمنينا تصديق ذلك".
وأكد أن "جميع من تم تصفيتهم، وآخرهم المتحدث باسم حماس، أبو عبيدة، كما أعلن الجيش، لا يعني أننا استفدنا كثيراً من اغتيالهم، فحماس لم تنسحب من مواقعها، ولم تُفرج طواعيةً عن الرهائن، وحتى لو وصلنا إلى اليوم الذي طال انتظاره، ويحدث فيه كل هذا، فإن الاغتيالات المستهدفة لن يتم تذكرها، لن تُذكر الاغتيالات المُستهدفة كمحطاتٍ بارزة في المسار الزمني الذي أدى للنهاية التي طال انتظارها".
وختم بالقول إنه "طالما لا توجد خطة استراتيجية، فإن كل اغتيال من صنعاء إلى غزة دليل على شيء واحد فقط، قدرة عملياتية ممتازة، لكن من المؤسف أن الحكومة الاسرائيلية تُضعف هذه القدرة دون أن تعرف ما تريده من نفسها".