أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية جديدة بحق رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد بتهم تتعلق بـ التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على خلفية الهجمات الكيميائية المميتة التي استهدفت الغوطة الشرقية ومدينتي عدرا ودوما عام 2013، وذلك وفق ما كشف مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، في تطور قضائي يعيد الملف السوري إلى واجهة العدالة الدولية.
وقال المصدر إن قضاة التحقيق في باريس وقعوا المذكرة في 29 تموز/يوليو الماضي، بعد أيام من قرار محكمة النقض الفرنسية بإلغاء مذكرة توقيف سابقة، استندت إلى الحصانة المطلقة التي كان يتمتع بها الأسد وقتها بصفته رئيس دولة.
لكن المحكمة العليا أوضحت في قرارها أن إصدار مذكرات جديدة بات ممكناً بعد الإطاحة بالأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، ما أزال عنه الغطاء القانوني للحصانة الرئاسية.
وتعود الوقائع التي تلاحق الأسد إلى الهجمات الكيميائية المنسوبة للنظام السوري في 5 آب/أغسطس 2013 في عدرا ودوما، والتي خلفت نحو 450 جريحا، ثم في 21 آب/أغسطس في الغوطة الشرقية، حيث قتل أكثر من ألف شخص بغاز السارين، بحسب تقديرات الاستخبارات الأمريكية.
مذكرات توقيف تطال قادة بارزين
وفي السياق ذاته، كشف المصدر القضائي أن مذكرة توقيف أخرى صدرت في 16 تموز/يوليو الماضي بحق اللواء طلال مخلوف، القائد السابق للواء 105 في الحرس الجمهوري، فيما سبق أن أصدرت السلطات القضائية الفرنسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 مذكرات مماثلة بحق ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع وقائد الفرقة الرابعة، إلى جانب العميدين غسان عباس وبسام الحسن.
وتعد هذه المذكرات الثالثة والرابعة التي تصدر عن المحاكم الفرنسية بحق الأسد، الذي يعيش حالياً في المنفى بروسيا، بعد صدور مذكرتين سابقتين في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 وكانون الثاني/يناير 2024 بالتهم ذاتها.
مسار قضائي طويل منذ 2021
ويعود فتح التحقيق في ملف الهجمات الكيماوية إلى عام 2021، عندما باشرت محكمة باريس تحقيقاتها بناءً على شكوى قدمها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بالتعاون مع مبادرة عدالة المجتمع المفتوح والأرشيف السوري، وهي منظمات تعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أصدرت المحكمة أول مذكرة توقيف ضد الأسد بتهم تتعلق بالمشاركة في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ثم تبعتها مذكرة ثانية في 20 كانون الثاني/يناير 2024.
لكن محكمة النقض الفرنسية ألغت في 25 تموز/يوليو المذكرة الأولى، معتبرة أن رؤساء الدول يتمتعون بالحصانة الكاملة أثناء توليهم مناصبهم، حتى في حال الاشتباه بارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، ما أثار جدلا واسعا بين القانونيين والمنظمات الحقوقية التي رأت في القرار تراجعاً خطيراً عن مبادئ العدالة الدولية.
