تساءلت صحيفة "التايمز" البريطانية في افتتاحيتها عما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادرا على عقد صفقة سلام مع شخص كان حتى وقت قريب يصنف "إرهابيا عالميا مطلوبا"، ورصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب استقبل هذا الرجل، الذي ينتمي إلى جماعات متشددة سابقة مثل القاعدة وتنظيم الدولة وجبهة النصرة، بحفاوة في البيت الأبيض يوم الاثنين الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن "هذا الجهادي السابق، الذي يُدعى السيد الشرع، تولى الرئاسة المؤقتة في سوريا بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد العام الماضي، ويمكن أن يلعب دورا مهما في مساعي تحقيق السلام في الشرق الأوسط".
وأشارت إلى أن هذه الحالة ليست سابقة في التاريخ السياسي، مستذكرة تجربة ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الذي شارك في اتفاقيات أوسلو عام 1993 مع إسرائيل، حيث نبذ الفلسطينيون الإرهاب واعترفوا بحق دولة الاحتلال في الوجود.
وأضافت أن الاتفاق انهار في النهاية رغم الإشادة الواسعة به، لكنه شكّل سابقة للمسلحين الذين يبدلون مواقفهم مقابل الاعتراف الدولي.
والتقى ترامب الشرع سابقا في السعودية، وأن العلاقة بينهما تبدو في طور التطور، وتأمل واشنطن أن تصبح دمشق بقيادة الشرع شريكا في مكافحة تجارة المخدرات التي جعلت شبابا من دول الجوار مدمنين، وأن الرئيس الأمريكي يريد من سوريا الابتعاد عن الأسلحة الكيميائية ومنع عودة الجماعات الجهادية، في إطار انضمامها إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي لا يزال يضم نحو 2500 مقاتل نشط في سوريا والعراق.
وترى واشنطن أن السيطرة على هذا التهديد تتطلب تعاونا أكبر بين الجيش الأمريكي والسوريين الذين كانوا ينظر إليهم سابقا كأدوات بيد موسكو وطهران، ولفتت إلى أن الهدف الأبعد هو إدماج سوريا الديمقراطية مستقبلا في مجموعة اتفاقيات إبراهيم، التي تضم الدول العربية المعترفة بإسرائيل والراغبة في التعاون معها.
وأضافت الصحيفة أن تحقيق هذا الهدف ليس سهلا، لأن إسرائيل وسوريا ما زالتا رسميا في حالة حرب، حيث تحتل إسرائيل مرتفعات الجولان السورية، مشيرة إلى أن ترامب يسعى لتحسين الصفقة المحتملة مع دمشق، إذ قد تشمل رفع العقوبات الأمريكية المتبقية على سوريا، وتدفق الاستثمارات للمشاركة في إعادة الإعمار.
وقدر البنك الدولي تكلفة إعادة بناء البنية التحتية والمباني السكنية التي دمرت خلال 13 عاما من الحرب الأهلية السورية بما لا يقل عن 216 مليار دولار، وتأتي هذه التحركات في ظل تساؤلات من حلفاء واشنطن حول قدرة سوريا على الصمود، وما إذا كان جهادي سابق قادر على أن يحل محل ديكتاتور قوي، أم أنه سينشئ نظاما قمعيا جديدا.
وأشارت "التايمز" إلى أن حجم الدمار في سوريا وغزة يثير القلق في الغرب، حيث يتزايد الزخم نحو تخفيف العقوبات، ليس فقط من أجل استقرار حدود دولة الاحتلال، بل أيضا لتسهيل عودة مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين عاشوا عقدا من الزمن كمهاجرين غير مرحب بهم في أوروبا الغربية.
وختمت الصحيفة بالقول إن على الشرع أن يثبت قدرته على توحيد بلاده الممزقة، وأن الجهاديين السابقين قادرون على البقاء في السلطة دون اللجوء إلى العنف وسفك الدماء.
