شهدت مدينة إسطنبول صباح السبت انطلاق أعمال مؤتمر "العهد للقدس" بمشاركة أكثر من 300 شخصية عربية وإسلامية ودولية قدموا من أكثر من 30 دولة، في تجمع يعدّ الأوسع من نوعه خلال العامين الماضيين، بهدف توحيد الموقف الشعبي تجاه ما تشهده القضية الفلسطينية من تطورات مصيرية، وفي مقدمتها جرائم الإبادة في قطاع غزة ومحاولات فرض مسارات سياسية تستهدف عزل المقاومة وتصفية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
ويأتي انعقاد المؤتمر، الذي تواصل جلساته على مدى يومين، وسط حراك سياسي تقوده الولايات المتحدة لدفع دول عربية وإسلامية إلى تبني المبادرة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة شرم الشيخ، والتي جرى تمريرها لاحقًا في قرار مجلس الأمن رقم 2803. القرار، وتجاهل جذور الصراع وتغاضى تماما عن مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي، كما لم يشر إلى حق الفلسطينيين في التحرر وتقرير المصير، ما اعتبر محاولة لفرض واقع سياسي جديد يهدف إلى إخماد المقاومة وإعادة تنشيط مسارات التطبيع رغم استمرار المجازر في غزة.
ويعقد المؤتمر بدعوة من مؤسسة القدس الدولية، وبشراكة مع مجموعة من الهيئات الشعبية والأهلية، بينها: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المؤتمر القومي–الإسلامي، المنتدى العالمي للوسطية، رابطة برلمانيون من أجل القدس، منتدى مسلمي أوروبا، هيئة علماء فلسطين، جمعية البركة الجزائرية، إضافة إلى الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين. ويعكس هذا التنوع، وفق القائمين عليه، اصطفافًا شعبيًا عابرًا للحدود في مواجهة الضغوط الرسمية الهادفة إلى تطويق المقاومة وتصفية القضية عبر ترتيبات سياسية أحادية.
ويحمل مؤتمر هذا العام شعار "نحو تجديد إرادة الأمة في مواجهة التصفية والإبادة"، في إشارة إلى رؤية منظميه بأن المرحلة الراهنة تمثل لحظة تاريخية حرجة، يسعى خلالها الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤه إلى استثمار الجرائم المرتكبة في غزة لإعادة صياغة وضع سياسي جديد ينزع الشرعية عن المقاومة ويحاول فرض وقائع دائمة على الأرض، خصوصًا في القدس.
ومن المقرر أن يصدر المؤتمر خلال جلساته عددًا من المبادرات، أبرزها:
"عهد تجريم الإبادة" الذي يهدف إلى تفعيل التحركات الشعبية والمؤسسية لملاحقة المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، إضافة إلى الجهات الدولية المتواطئة في الجرائم المرتكبة بغزة.
"عهد مناهضة التطبيع" وهي وثيقة تجدد الرفض الشعبي الواسع لأي علاقات رسمية مع الاحتلال، وتدعو إلى توحيد الجهود لإسقاط مبادرات التطبيع القائمة أو المتوقع التوسع فيها.
ويستحضر المؤتمر في خطابه سلسلة من المؤتمرات التاريخية التي شكّلت محطات فارقة في الدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية، بدءًا من المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس عام 1931، مرورًا بـ مؤتمر عمّان 1997 و مؤتمر بيروت 2001، وصولًا إلى ملتقى القدس الدولي في إسطنبول عام 2007، الذي أكّد حينها رفض مسار أنابوليس وما رافقه من محاولات لتجاوز الحقوق الفلسطينية.
وتختتم أعمال المؤتمر مساء غد الأحد بإعلان "وثيقة العهد للقدس"، التي تتزامن مع الذكرى 94 لأول مؤتمر عربي وإسلامي جامع لنصرة القدس المنعقد بتاريخ 7 كانون الأول / ديسمبر 1931، في تأكيد رمزي على استمرارية الموقف الشعبي تجاه القدس وحقوق الشعب الفلسطيني.
