بجوار ميناء غزة تحت أحد القوارب الكبيرة "اللَّنشْ" يجلس رجلان كبيران في العمر، بيد أحدهما مِخْيَطْ وبالأخرى شِبَاكاً يخترقها بحبال رقيقة فَيُطَبْطِبْ ما تمزق منها، وبجانب الأخر برَّاد من الشاي بدون غطاء يشتغل مع النار، حتى إذا وضعه منه في الكوب يكون أسود اللون ثقيل الطعم حلو المذاق... لقد ذكرني هذا الشاي بمصر.... سألت أحدهم: هل تستخدمون هذا المركب الكبير "اللَّنْشْ" في الصيد؟ قال لي: هذا المركب يحتاج لمساحات واسعة في البحر وليس 6 أميال؟ قلت له: وما الفائدة منه؟! قال لي: يجمع السفن حوله فيكون كالأب، يطوف في الليل حول المراكب المضيئة فيصطاد ما تحتها من أسماك... نظرت إليه وقلت بصوت منخفض بعد أن اقتربت منه:- يعني هل يشبه هذا المركب منظمة التحرير الفلسطينية؟! أوقف يده عن الخياطة، ونظر إلي، بعد أن أخذ كوباً ثانياً من الشاي الأسود وأشار بيده نحو مركب مهشِّمٍ، به من الثقوب بعدد حفر ومطَبَّاتِ شوارع الوطن، وبجانبه مركب صغير " مقلوب على بَطْنِه" ومركب آخر "مآخد عَخَاطْرُه" وقال: ها هي منظمة التحرير قدَّامَكْ؟! ضحكت وضحك الرجل الآخر الذي يجلس بجانبه، ويعلم الله أن ضحكته ذكَّرَتْنيْ بصوت صواريخ الغراد, فقلت له: وماذا يحتاج هذا المركب لكي يخوض غِمَارَ البحر بعد ما فيه من ثقوب، وليزيل ما حوله وفيه من "عيَّانِيِنْ" وما على شَكْلِهِ من تقرُّحَاتْ، وكيف سيُفَعَّل بطريقة صحيحة بعد إصلاحه؟! نظَرَ إلي وقال: ما تحتاجه منظمة التحرير الفلسطينية بالضبط ؟! [title]"وأنَا مَالِي يا أبو يزن دَعْ الخَلْقَ للخالِقْ"[/title]
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.