في المقعد الأمامي للسيارة "الكَرْكُوعَة" جلس شاب "مَزِيِكَا"، مُهَنْدَمْ الثياب، مصَفَّطْ الشعر، رائحته خليط من العرق والعطر معاً، بيده سجيارة "رويال" رائحتها بغيضة..... ويبتدأ المشهد -كلاليكيت-نفسٌ عميقٌ.... ثمَّ نظرة تأمُّل... ثم نظر إلى الوفود الذاهبة لاستقبال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي وقال: فرحانين، القرضاوي جاء ليكرس الانقسام، ويصْدر فتاوى جديدة على مقاس حماس.... لو أنه يحب فلسطين فعلاً لأتى منها من خلال البوابة الشرعية، من خلال رام الله... نفس عميق آخر.. انتهى المشهد الأول. أثارت هذه الكلمات رجل كبير في السن تبان على عيونه الهدوء والرَّزانة, قال له: من دار مين الشاب ؟! - شو بدَّكْ فيَّا؟ - هل تعلم يا ابني أن عدد مؤلفات القرضاوي ومؤتمراته ومشاركاته الاسلامية هي أكبر من عدد أفراد عائلتك، ومعها كل من يرفض زيارة القرضاوي من فصائل أو شخصيات، وما أنتم إلا هوامش على جانب أحد الكتب التي ألفها؟! - ما تدخلني في الدَّين... أنا لا أعرف من الدين إلى قشوره، "والصلاة يلّاَ ايلَّا عَقَدْ الجمعة"... أنا أقول أن زيارة القرضاوي هذه ترسخ الانقسام...؟! دخل السائق على الخط فقال للشاب بجانبه :- يا راجل لو أن القرضاوي زار إسرائيل لما قامت فتح ومن معها من الفسائل الصغيرة بهذا الهجوم؟!، لو أنه دعا للجلوس والمفاوضات مع اسرائيل لما حصل ما حصل؟! رَسْمي "مجنون يحكي عاقل يسمع".. عاد المايك للرجل بجانبي فرد على الشاب في محاولة لإقناعه وتوضيح الأمور له.. - لقد فرشت رام الله وحكومتها البُسُطَ الحمراء لأوباما، وتوشحت بالأعلام الأمريكية... لقد تزينت رام الله على مدار فترات طويلة يا ابني لاستقبال شارون، ونتنياهو، وباراك، ووزراء الدفاع الإسرائيليين، وضبَّاط أمنيين، ومنسِّقِينْ سياسيين.. كوندليزا رايس، وبعدها هيلاري كلينتون، دايتون، وبعده مولر.... ولم يصدر بيان شجب أو استنكار من مفتي الديار، وحَامي الحِمى، وكبير علماء الشام، صاحب أعرق الكتب في العلوم الدولية والدينية "محمود الهباش" يقول فيها: أن التنسيق الأمني حرام شرعاً, وقتل المقاومة حرام، أو استقبال القتلة والإسرائيليين حرام ؟! ولا من أصحاب الطلقة الأولى، ولا القُبْلَة الأولى... شوب تحكي أنت هل هؤلاء لم يرسخوا الانقسام؟! وهذا الشيخ الذي جاء لغزة وقوفاً مع أهلها ومقاومتها وشعبها، وكان دائماً يرفض الاحتلال ويهاجم المفاوضات والاتفاقيات، جاء ليرسخ الانقسام؟!... ثم لماذا يرفض هؤلاء زيارة القرضاوي لغزة ويرحبون باقامة معارض للأزياء للنساء في رام الله ؟! - رد الشاب اللزيز: هيَّك قلتها بلسانك يرفض المفاوضات؟! يعني الراجل يدعو لانقلاب ضد الرئيس عباس؟! - قال الرجل: المفاوضات يعني عباس، الشيخ عَارض اتفاق أوسلو من بدايته، وعارض المفاوضات، ودعا للجهاد، وكان مفروض يا ابنى عباس يزور غزة _لو أنه رَجُلْ وله شوارِبْ- ولكنه ينتظر أمراً من هناك عارف وين هناك؟! - رد الشاب: آه من عن "الظَهَرةَ" –منطقة في خانيونس تفصل بين المعسكر والمشروع، تكون فيها بضائع للبيع- اه من هناك من عند بياع الذُّرة ... ثم ضحك الشاب وقال: يا ريت يجي عباس لغزة يا ريت .... ولكن القرضاوي رسَّخَ الانقسام؟َ - رد السائق على الشاب الذي بدأ بالنزول من السيارة "مفيشْ فَايْدَة عَنْزَة ولو طَارَتْ"؟!!!