ما أن أسدل ليلة الجمعة الماضية أستاره وتوارت شمسه خلف الجبال، حتى تسلل عشرات المستوطنين من مستوطنة "يتسهار" إلى بلدة "عوريف" جنوب نابلس وبددوا سكونها القروي، وهاجموا منازل المواطنين واعتدوا على أصحابها، وأصابوا 5 منهم بجراح مختلفة. مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان، التي واكبت الاعتداء، سجلت شهادات المواطنين من بينهم عبد الله فالح شحادة (19 عاما) الذي أصيب بجراح متوسطة في رأسه نقل على إثرها إلى مستشفى رفيديا في نابلس بعد أن هاجمه أحد المستوطنين. وقال الجريح شحادة الذي يرقد في غرفة العناية المكثفة إن "أكثر من 80 مستوطنا هاجموا القرية، فتوجهت لمنزل عمي في المكان للتصدي لهم، وما أن حضر مجموعة من شبان القرية حتى شرع المستوطنون بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي صوبنا". ويتابع "أحضر المستوطنون كشافات للإضاءة حتى أصبحنا مكشوفين لهم، وأخذوا يقتربون منا ويرشقون علينا الحجارة، في حين عمدت مجموعة أخرى منهم إلى إنزال إطارات مشتعلة من فوق التلال المحاذية للقرية صوب منازل الأهالي". بينما يقول مرسيل (شقيق شحادة) "قام حارس المستوطنة بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي بكثافة، ما أدى إلى إصابة (4 مواطنين) بالإضافة إلى أخي، هم: محمد مصطفى الصفدي (22 عاما)، وإبراهيم محمد صباح (22 عاما)، والطفل شريف على الصفدي (15 عاما)، وأنور عوني صباح (40 عاما)". [title]الاعتداء بقصد القتل[/title] تخرج الكلمات من فمه بعناء وهو يحاول أن يتذكر ذلك الموقف المهيب، حيث يقول شحادة: "ما أن اقتحم المستوطنون الحي غرب القرية وأصبحوا على بعد أمتار، صارت الحجارة تسقط علينا كالمطر، ولم أذكر حينها ماذا حصل لي إلا صبيحة هذا اليوم حيث كنت في غيبوبة بعد أن أخبرني أخي قيام أحد المستوطنين بضربي حجرا كبيرا على رأسي". وفي الإطار ذاته، يقول مرسيل الذي تواجد في الحدث: "أطلق المستوطنون الرصاص الحي بقصد قتلنا، حتى أن إحدى الرصاصات مرت بمحاذاة رأسي، ولولا عناية الله لكنت في عداد الشهداء، أما شقيقي عبد الله فقد قام أحد المستوطنين بالتصويب عليه وضربه في رأسه بواسطة المقلاع، وإذا به ملقا على الأرض فاقدا لوعيه". من جهته، قال الطبيب عثمان بشارات الذي أشرف على الجريح: "يعاني عبد الله من كسر بالجهة اليسرى للجمجمة، مع وجود نزيف داخلي صغير في الدماغ، كما أن المخ تعرض لكدمة نتيجة قوة الضربة، ما يستدعي مكوثه (72 ساعة) تحت المراقبة في العناية المكثفة". [title]حرب لا تتوقف[/title] "منذ أكثر من عام تتعرض قرية عوريف لاعتداءات وحشية من قبل المستوطنين، وفي مراحل لاحقة كان الجيش يتدخل محاولا منع المستوطنين الاقتراب من القرية، ولكن في هذه الأوقات صار الجيش يقتحم القرية لمطاردة الشبان الذين يتصدون للمستوطنين"، هذا ما قاله رئيس مجلس قروي "عوريف" يوسف شحادة. ويضيف، ليلة البارحة حضر الجيش متأخراً مع علمه باقتحام المستوطنين للقرية، ولكنه لم يردع أيا منهم، بل شاركهم بالهجوم على المواطنين، في الوقت الذي توجهت فيه مجموعة أخرى من المستوطنين لإحراق محاصيل القمح بين عوريف وقرية عينابوس المجاورة". وفي سياق متصل تشير والدة الجريح عبد الله "إلى انه "قبل أسبوع هاجم المستوطنون وسط القرية وقاموا بتكسير نوافذ المسجد، وألقوا الحجارة على تلاميذ المدرسة أثناء عودتهم إلى بيوتهم، حينها تدخلت قوات الجيش وأخذوا يلقون القنابل الغازية والمطاطية على طلاب المدرسة، بدل أن يقوموا بسحب المستوطنين ومنعهم". ومع تكرار وتصاعد أعمال العربدة التي يقوم بها المستوطنين، تشير والدة الجريح إلى أن القرية أصبحت مسكنا للأشباح، ولن يتوقف الأمر عند ابنها، لافتة إلى أن المستوطنين سيقدمون على ما هو أكثر، إن لم يتم وضع حد لهذه الاعتداءات".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.