خبر: بالفيديو: المهر.. بين الشريعة والناس تباينات واسعة
21 مايو 2013 . الساعة 09:11 ص بتوقيت القدس
الشاب الذي يقطن مدينة غزة ويقترب عمره من الثلاثين لا زال غير قادر على إتمام متطلبات الزواج ، فـ"محمد" الذي رزق بوظيفة حكومية قبل عامين وبعد خمس سنوات من التخرج، يعاني الأمرين لتجميع مهر يؤهله للتقدم لعروسه التي حددتها لها أمه منذ فترة ليست بالقصيرة ، وجمع مال لتكاليف العرس و"طقاطيقه" كما يقول . في المقابل تقف العروس الشابة "نيرمين" محتارة في محل بيع الذهب، وغير قادرة على اتخاذ قرار مناسب، بسبب أسعار الذهب المرتفعة مقارنة بمهرها القليل، كما تقول والذي اقتصر على ثلاثة آلاف دينار فقط وهي خريجة من كلية العلوم، " لكن هذا قرار والدي الذي أراد تسهيل الأمر على العريس والتيسير عليه "، تتكلم وهي تبدي بتعابير وجهها حالة من عدم الرضا. [title]غلاء المهور.. دمار[/title] ارتفعت المهور بشكل متدرج ووصلت إلى مبالغ غير مسبوقة، حتى باتت تؤرق الشباب الفلسطيني الذي يبدأ بالتفكير في الانتقال إلى مرحلة جديدة من حياتهم ، فتجعل من أمر الزواج عقدة يصعب حلها، ويزيد من تعقيدها ارتفاع تكاليف الزواج التي باتت لا تطاق. تلك الظاهرة لم تترك أثرها السلبي على الشباب وحدهم، بل تعدتهم إلى التغلغل في مجتمعاتهم لتهدد أساساً قويا من أساسته ، والتي بنيت على أساس من العفة والطهارة والالتزام بالعادات والتقاليد ، وتهدم بيوتاً لازال بناؤها غضاً طرياً. موقع مجد الأمني يرى في مقال منشور أن الوجه الأكثر بشاعة للشباب الذي لا يستطيع توفير المتطلبات الخيالية لغلاء المهور، فيتجه إلى توجهات أخرى يعمل علي تفريغ طاقاته الجنسية إما عن طريق نسج علاقات غير شرعية مع فتيات ساقطات، وتبدأ هنا القصة بفصولها المتعددة، تواصل عبر الجوالات بين الشباب والفتيات ولقاءات خارج البيت أثناء الخروج للمدارس أو الجامعات، ونسج العلاقات الغرامية بهدف تغطية النقص والفراغ الذي يعيشه الشاب والفتاة والذي قد يصل إلى الوقوع في براثن مخابرات الاحتلال. صديقنا " محمد" يطالب الآباء بتخفيض المبلغ المطلوب للمهر، وإتاحة الفرصة له ومن هم مثله من الشباب لتوفير هذه المبالغ لتكاليف الزواج الباهضة أصلاُ ، منبهاً الآباء إلى أن هذه المبالغ الإضافية التي يتم طلبها للمهر ستدفعها ابنتهم من سعادتها وسعادة زوجها جراء الديون المتراكمة عليه بعد الزواج. وقال :" أصبح الناس يشترون تعاسة بناتهم ويطلبون المهر الغالي ليتفاخروا به أمام الناس بينما تدخل ابنتهم بيت زوجها لترى نفسها مثقلة معه بالديون ويبدأ أصحابها بطرق باب البيت ليلاً ونهاراً ليطالبوا الزوج بدفع الديون فتتجول حياتهم إلى جحيم لا يطاق". لم تبتعد حياة محمود عن السيناريو الذي رسمه صديقنا محمد فقد تزوج قبل تسعة أشهر ، بعد أن وافق على دفع مهر 5000 آلاف دولار لزوجته التي اضطرت حتى الآن لبيع أكثر من نصف ذهبها لتسديد بعض الديون المتراكمة على زوجها ، ولا زال أصحاب الديون يطاردونه حتى الآن ما طرد السعادة من البيت الذي كان يأمل بحياة أكثر إشراقاً وهدوءاً . هذا المشهد ليس الوحيد، فغلاء المهور أظل الأراضي الفلسطينية بمجملها ، ما ينذر بكارثة اجتماعية كبيرة في حال استمرت حالة اللامبالاة التي يبديها الأهالي عند طلب المهور المرتفعة. [title] الشريعة تتكلم[/title] وترى الشريعة الإسلامية في المهر جزءاً من التكريم الذي منحه الإسلام للمرأة التي كانت في الجاهلية جزءاً من متاع البيت للاستخدام فقط، فجاء الإسلام ليعطيها الحق المناسب في كل شيء، فرفع من شانها وأعلى من مكانتها وميزها عن الرجال بالعديد من الأمور لعل أبرزها قضية المهر. الشيخ صادق قنديل في حوار مع "[color=red]فلسطين الآن[/color]" أكد على أن المهر حق من حقوق المرأة وعلامة على إكرامها ومكافئة لها على قبولها أن تبرم عقداً دائماً مع الرجل واستعدادها أن تشاركه بإمكاناتها وقدراتها أعباء الحياة، نافياً أن يكون المهر مقابلاً لمنفعة يجنيها الزوج ويحصل عليها(المنفعة الجنسية). ونفى قنديل أن يكون الإسلام قد جعل حداً لقلة المهر أو كثرته، معللاً ذلك باختلاف الناس في الفقر والغنى وفي السعة والضيق وقال:" ربط الإسلام المهر بحالة الناس وعاداتهم وتقاليدهم وقدرة وطاقة كل إنسان". وحبب الإسلام، وفق قنديل، في المهر القليل لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أقلهن مهراً أكثرهن بركة" ، لكنه نوه إلى أن القلة لا تعني انعدامه بل تعني أن يوفر المهر الحاجات الأساسية من حقوق المراة من ملبس وزينة وما تحتاجه من أساسيات دون الزيادة التي تدخل في باب الإسراف. ما يرهق الشباب ، حسبما يرى الشيخ صادق، ليس المهر في ح ذاته وإن كان لابد من تخفيفه ، وإنما تبعات العرس من صالات وسيارات وفدعوس وغيره من المظاهر التي يمكن الاستغناء عنها والتخفيف منها . وتساءل لماذا لا نطالب بتخفيف هذه الملحقات ودائماً نرى أن المهر هو العقبة الكبيرة التي يجب التخفيف منه باستمرار، مع تأكيده على أن المغالاة في المهر مكروه في دين الإسلام ، مطالباً أولياء الأمور والوجهاء وأصحاب الشأن بالتخفيف من متطلبات الأعراس وتبعاته وملحقاته، وإعطاء العروس مهراً يناسبها ويلبي متطلباتها الأساسية ولا يهضم حقها. ورغم كل ما سبق واقتناع عدد كبير من الناس به إلا أن ظاهرة غلاء المهور وتضخم تبعات الأعراس تبقى عقبة صعبة أمام الشباب الراغب في إكمال نصف دينه والارتباط بشريكة حياته.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.