18.34°القدس
18.06°رام الله
17.19°الخليل
23.84°غزة
18.34° القدس
رام الله18.06°
الخليل17.19°
غزة23.84°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: مرسي في أدغال افريقيا

في الأشهر الستة الأخيرة زار الرئيس المصري محمد مرسي عدة دول ابتداء من الصين ومرورا بايران وانتهاء بالبرازيل بحثا عن قروض وتعاون تجاري واقتصادي تخفف من حدة الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها بلاده، ولكن الزيارة الاكثر اهمية في رأينا تلك التي بدأها امس في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا للمشاركة في فعاليات القمة الافريقية. من المؤكد أن هذه الزيارة، وفي مثل هذا التوقيت ستتيح للرئيس المصري فرصة للالتقاء بالعديد من الزعماء الأفارقة، وتجديد الصلات مع بلدانهم، تلك الصلات التي انقطعت، او تقلصت في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك. فالرئيس مبارك ومنذ أن تعرض لمحاولة اغتيال أثناء مشاركته في قمة افريقية في أديس أبابا في التسعينات من القرن الماضي، أهمل الملف الافريقي، وغض النظر عن التسلل الاسرائيلي الى هذه القارة البكر، ودول منابع النيل شريان الحياة الرئيسي لمصر. الرئيس مرسي سيضع مسألة الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل على قمة جدول أعماله، خاصة اثناء لقائه مع نظيره الاثيوبي حيث تشكل مياه النيل الازرق القادمة من المرتفعات الاثيوبية اكثر من خمسة وثمانين في المئة من مياه النهر. من المؤلم انه بينما كان نظام الرئيس مبارك غارقا في تدعيم العلاقات الثنائية مع اسرائيل، وتشجيع تغلغلها في الدول العربية، وامدادها بالغاز المصري بأسعار رمزية، قابلت اسرائيل هذه المكارم بالتسلل الى الفناء المصري، وتحريض دول منابع حوض النيل على فك الاتفاقات التاريخية التي تحكم توزيع حصص مياه النيل وتعطي مصر نصيب الاسد منها رغم انها دولة مصب. أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي الذي هدد مرة بقصف السد العالي واغراق مصر في مياه النيل، كشف عن نواياه الخطيرة والمعادية لمصر هذه بالتركيز على الملف الافريقي، وقام بزيارة الى اكثر من سبع دول افريقية قبل اربعة اعوام على رأس وفد كبير يضم عددا من رجال الأعمال ومهندسي البناء والري، وكان من بين هذه الدول اثيوبيا واوغندا، وعرض دراسات لاقامة سدود وتعهدات بمساعدات مالية وصفقات اسلحة حديثة متطورة لمواجهة اي تحرك مصر ضد هذه السدود. التحريضات الاسرائيلية هذه ساهمت بدور كبير باقناع ممثلي اثيوبيا واوغندا ورواندا وتنزانيا وهي دول المنبع الى جانب الكونغو وكينيا وبروندي على توقيع اتفاق جديد حول توزيع مياه النيل يقلص حصتي كل من السودان ومصر. اثيوبيا شرعت في بناء سد النهضة على النيل الازرق لتوليد الكهرباء وخلق بحيرة ضخمة على غرار بحيرة السد العالي في اسوان واسندت عملية توليد الكهرباء وتوزيعها الى شركة اسرائيلية. تحرك الرئيس مرسي في هذا الاطار يأتي في التوقيت المناسب من اجل الحفاظ على مصالح مصر من المياه والكهرباء، ولكن المؤسف ان هذا التحرك قد لا يعطي النتائج المرجوة في ظل غياب الدعم والتنسيق العربيين من دول لها وزنها ونفوذها مثل دول الخليج، والمملكة العربية السعودية بالذات الى جانب الجزائر التي لها علاقات وثيقة مع معظم دول القارة الافريقية. هذا الغياب العربي، والخذلان للسودان الدولة العربية الاسلامية من قبل بعض الدول وعلى رأسها مصر حسني مبارك، هو الذي ادى الى نجاح الخطة الاسرائيلية في فصل الجنوب عن الشمال، وقيام دولة جنوب السودان في نهاية المطاف، ولذلك لم يكن مفاجئا ان تكون الدولة الاولى التي زارها سلفا كير رئيس هذه الدولة هي اسرائيل للاعتراف بجميلها. الخلافات مع نظام الرئيس مرسي في مصر بسبب انتمائه لحركة الاخوان المسلمين لا يجب ان تقف حجر عثرة في طريق دعمه للحفاظ على مصالح بلاده في مياه النيل، فلا يجب تكرار خطأ الرئيس مبارك عندما انشغل في عدائه لنظام الرئيس عمر البشير في السودان بسبب تورطه في محاولة الاغتيال الفاشلة في اديس ابابا عن المؤامرات الاسرائيلية في منابع النيل، ونسي أن هذه الأحقاد ستكلف مصر والسودان معا الكثير من أهم سلاح استراتيجي في يديهما وهو مياه النيل. فالسودان دولة ممر ومصر دولة مصب والتنسيق بينهما، وبغض النظر عن الخلافات يظل حتميا لمصلحة الجانبين.