26.08°القدس
25.85°رام الله
27.19°الخليل
27.83°غزة
26.08° القدس
رام الله25.85°
الخليل27.19°
غزة27.83°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: الانقلاب .. حلقة من حلقات التآمر الدولي على كل من الإسلام

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ *} (آل عمران:118) هذا النص القرآني الكريم ينهى عباد الله المؤمنين من اتخاذ أولياء وأصفياء لهم من غير المؤمنين , وذلك لأن الأولياء عادة ما يطلعون على أسرار من يوالونهم . وإذا كان هؤلاء الأولياء من الكفار أو المنافقين فإنهم عادة لا يحترمون حقوق الموالاة , بل يخونونها , ولا يألون جهدا في إيذاء المؤمنين , بل يتآمرون دوما عليهم, ويخططون للإضرار بهم, وإن تظاهروا بغير ذلك من شدة نفاقهم, وعمق كراهيتهم للحق وأهله . ويتضح ذلك جليا باستعراض ما ورد في "موسوعة المستشرقين" للدكتور عبد الرحمن بدوي (رحمه الله) . فقد أورد فيها سير ما يقارب الثلاثمائة من المستشرقين . الذين كانوا في- غالبيتهم- قد تربوا على كراهية الإسلام والمسلمين , وتدربوا على فنون التآمر على مصر وعلى غيرها من الدول العربية والإسلامية .التي عانت من الاختراق بواسطة أعدائها عبر التاريخ .ولا يزال المصريون- بصفة خاصة- والعرب والمسلمون – بصفة عامة – يتعرضون للاختراق السياسي والاقتصادي والفكري دون أن يحذروا من أخطار هؤلاء المتآمرين ...! ومن صور ذلك الاختراق أنه في سنة 1882م استدعى قائد البحرية البريطانية "نورث بروك" مستشرقا بريطانيا يدعى "إدوارد بالمر" من أجل السفر إلى مصر للتمهيد للغزو البريطاني لأراضيها الذي وقع بتاريخ 11/7/1882م . وكان "بالمر" هذا -للأسف الشديد- يشغل كرسي اللغة العربية بجامعة كمبريدج . وصل هذا الجاسوس إلى سيناء من أجل تجنيد جيش من بدوها يقوم بتأمين الجانب الشرقي لقناة السويس لصالح القوات البريطانية الغازية للأراضي المصرية بالتعاون مع "فرديناند ديليسبس"مدير قناة السويس. وصل "بالمر" إلى سيناء, ومعه أربعة عملاء آخرين , اثنان بريطانيان , وعربيان أحدهما يهودي والآخر مسيحي . وكانت المؤامرة تتلخص في القيام بطعن جيش البطل أحمد عرابي من الخلف وإشغاله عن مواجهة الإنزال العسكري البريطاني في منطقة "أبو قير". وكادت المؤامرة أن تتم لولا مروءة بدو سيناء الذين قاموا بعمل كمين لهؤلاء الجواسيس الأربعة الخونة, واقتادوهم إلى وادي سدر, حيث قتلوهم وألقوا بجثثهم إلى بطن الوادي . وبالمثل جاء إلى مصر بتخطيط صهيوني المستشرق اليهودي الألماني "بول إليعازر كراوس" ليعمل مدرسا بكلية الآداب بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة حاليا) . وقد خلف في ذلك المنصب يهوديين آخرين يدعى أحدهما "إسرائيل ولفنصن", ويدعى الآخر "جوزيف شاخت". وقد لعب كل من هؤلاء اليهود الثلاثة, وغيرهم ممن سبقوهم إلى العمل بالجامعة المصرية دورا خطيرا في تدمير مفاهيم طلاب تلك الجامعة وإثارة العديد من الشكوك والشبهات لديهم . وبعد ثماني سنوات من العمل في الجامعة المصرية وُجِدَ "بول كراوس" منتحرا في حمام مسكنه ( شارع أحمد حشمت باشا بالزمالك ), وذلك بتاريخ 14/9/1944م . وكان من أسباب انتحاره هو اشتراكه مع أربعة من القتلة اليهود المنتمين للمنظمة الإرهابية المعروفة باسم "شتيرن" , (والتي كان يقودها طريد العدالة "مناحم بيجن") في اغتيال الوزير البريطاني المقيم "لورد موين" بمسكنه في القاهرة . وقد عرفت هذه الفضيحة السياسية باسم "فضيحة لافون" . وبعد اعتقال القتلة خشي "بول كراوس" الاعتراف عليه فقام بشنق نفسه في مسكنه هروبا من مواجهة العدالة . وفي زماننا الحالي ما زالت محاولات اختراق المجتمع المصري مستمرة من أجل إفشال كل مشروع نهضوي للأمة , والعمل على تفتيتها على أساس من الاختلافات الدينية والمذهبية والعرقية إلى عدد من الدويلات الصغيرة التي يسهل التحكم فيها . وذلك من أجل أن تبقى القوة العسكرية الرئيسة في المنطقة ممثلة في الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين . وليست أعداد الصهاينة الذين قبض عليهم أثناء ثورة 25/1/2011م في كل من القاهرة والإسكندرية ببعيدة عن الأذهان . وليس اليهودي الأمريكي الذي قتل في الإسكندرية في شهر مايو 2013م والذي كان يرتدي زي الإعلاميين قد طوي ذكره بطي النسيان . وليس الأربعون أمريكيا الذين حملتهم طائرة عسكرية أمريكية من مطار القاهرة في ظل المجلس العسكري قبل أن يقدموا للمحاكمة على أعمالهم التخريبية في قلب مصر لعدة سنوات بالأمر الذي قد نسيناه !! ويؤكد ذلك ويدعمه خطاب السيناتور الأمريكي المتصهين والمعادي للإسلام, والمدعو "مارك كيرك", والذي ألقاه في مجلس الشيوخ الأمريكي بتاريخ 13ديسمبر 2011م . وهذا السيناتور عضو في لجنة العلاقات العامة الأمريكية/الإسرائيلية ((AIPAC واشتهر بأنه يمثل الاتجاه المتشدد للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط , وأنه يميني متطرف منحاز انحيازا أعمى للكيان الصهيوني . وقد ذكر في خطابه هذا أن الأمريكيين يدعمون كلا من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, لكن الديمقراطية التي تؤدي إلى وصول الإسلاميين للسلطة كما حدث في كل من غزة سنة 2006م, وفي مصر سنة2012و 2013م يجب أن تحارب من السلطات الأمريكية بكل وسيلة ممكنة . وأضاف قائلا : فاجأتنا الانتخابات المصرية بحصول الإسلاميين على أكثر من 60% من مجموع مقاعد مجلسي الشعب والشورى . وهؤلاء الإسلاميون الذين تحركوا في الشوارع هاتفين : "يوما ما سنقتل كل الإسرائيليين" و "تل أبيب تل أبيب يوم الحساب صار قريب" . وهذا ادعاء باطل من أساسه لأننا لم نسمع أحدا يردد مثل هذا الكلام المفترى طوال أيام الثورة المصرية .واستنتج هذا السيناتور المتصهين أنه لو تركت مصر للإسلاميين فإن العالم سيشهد مصرا تكره إسرائيل , وتتنكر لاتفاقية كامب ديفيد, وتقضي على حرية الأقليات المصرية, وتهرب السلاح إلى حماس, وتخطط لتدمير دولة جنوب السودان, وتمنع حرية التدين وتحرم المرأة من حقوقها المشروعة . ويضيف "مارك كيرك" قائلا إن مصر هذه صفاتها لا تستحق ما يزيد على مليار دولار من الخزينة الأمريكية . وبالتالي فإنه على مجلس الأمن القومي الأمريكي أن يعمل بمختلف الوسائل لإبقاء مصر مرتبطة بالسياسات الأمريكية وبالسلام مع إسرائيل وإلا كانت مصر الإسلامية عاملا أساسيا لتراجع دور أمريكا في المنطقة العربية كلها . وذلك لأن حكومة إسلامية تتحكم في قناة السويس , وتحكم القاهرة وهي مركز التأثير الكبير في كل الشرق الأوسط , وتعادي كلا من إسرائيل والغرب, تعتبر كارثة بالنسبة للسياسة الأمريكية , ولدلك خلص في خطابه هذا إلى نداء لمجلس الأمن القومي الأمريكي بضرورة العمل مع كل القوى الليبرالية في مصر وفي المنطقة العربية من أجل منع وقوع مصر في قبضة الإسلاميين , وهذا ما تم بالفعل بعد عام ونصف من تاريخ هذا الخطاب . وليس أدل على ذلك أيضا من مذبحة الحرس الجمهوري التي قامت بها قوات من كل من الجيش والأمن المركزي المصري بدم بارد في 8/7/2013م فأدت إلى مصرع أكثر من خمسين وإصابة عدة مئات من المصلين وهم سجود في صلاة الفجر, تماما كما فعل جنود الاحتلال الصهيوني مع المصلين في المسجد الإبراهيمي منذ عدة سنوات . وقد ادعى الحكام الليبراليون الجدد أن سبب الاشتباك راجع إلى قيام مجموعة إرهابية مسلحة بمحاولة اقتحام مقر الحرس الجمهوري. وقد صدر تقريران منفصلان عن هذه المذبحة , أصدرت أحدهما منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية في 17/7/2013م ونشرت التقرير الثاني صحيفة الجارديان البريطانية بعد ذلك بيوم واحد . وهذان التقريران أوردا أقوال كل من الشهود والضحايا بالصوت والصورة , بما يكذب الرواية الرسمية المصرية بالكامل , ويفضح هذه الجريمة غير المسبوقة في تاريخ مصر والتي تجاهلها الإعلام المصري تجاهلا متعمدا طمسا للحقيقة . وقد تلى هذه الجريمة النكراء جريمة أخرى أبشع منها تم فيها الاعتداء على مسيرة سلمية للنساء في مدينة المنصورة , وذلك بتاريخ 19/7/2013م . وقد استشهد في هذه الجريمة أربع من السيدات والفتيات المسلمات بإطلاق وابل من الرصاص الحي عليهن من قبل قوات الأمن المركزي والجيش. من هنا يتضح أن الانقلاب العسكري المصري الأخير هو انقلاب على كل من الشرعية والإرادة الشعبية والدستور, وأنه ليس عملا محليا, بل هو حلقة من حلقات التآمر الدولي على كل من الإسلام والمسلمين, خاصة في مصر قلب العالمين العربي والإسلامي. ومن غريب الأمر أن عددا من المتعلمين المصريين لم يدركوا طرفا من خطورة هذه المؤامرة فقبلوا بالدكتاتورية العسكرية بديلا للديمقراطية التي حلم بها الشعب طويلا . واستبدلوا بصناديق الاقتراع الانتخابي انقلابا عسكريا مفاجئا . واستبدلوا بالحرية والعدالة الاجتماعية وضع أيديهم وأرجلهم في مقاصل العسكريين الذين عانت مصر من حكمهم لأكثر من ستين عاما . وليس أدل على هول هذه المؤامرة الدولية من مسارعة المعترفين بها , وهم يعلمون أنه انقلاب على الشرعية وعلى الإرادة الشعبية وعلى الدستور . كذلك بدأت الأموال تفيض إلى الخزانة المصرية وإلى جيوب أعداد من كل من المسؤولين والإعلاميين من أجل شراء حرية وكرامة الشعب المصري بدراهم معدودة. ولم يدر هؤلاء أن هذا الانقلاب العسكري هو انتكاسة لكل ثورات الربيع العربي , خاصة ثورة 25 يناير المجيدة , وأنه انتصار لليبرالية الغريبة على التوجه الإسلامي الذي عبرت عنه غالبية الشعوب العربية . لذلك يحذرنا ربنا – تبارك وتعالى – من أخطار هؤلاء الأعداء , ومن الوقوع في خطأ اتخاذهم أولياء فيقول ( وهو أصدق القائلين ) : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ*} (آل عمران:118). ويقول : {... وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ*} (المائدة:51). ويقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*} (التوبة:23) . ويقول : { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*} (الممتحنة:9) . ولا أرى تحذيرا من خطر اختراق الأعداء لصفوف الأمة في القديم والحديث أشد من هذا التحذير الإلهي الذي إذا لم تعه الأمة وتعمل على مقاومته بقيت فريسة لمخططات أعدائها الذين لا يألون جهدا في العمل على تدميرها . ونسأل الله – تعالى – أن يوقظ أمتنا من غفلتها حتى تتمكن من استيعاب حجم المخاطر المحدقة بها , وندعوه أن يحميها من شرور أعدائها اللهم آمين , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين