أحب صديقي على المثقف كثيرا والذي قضى أكثر من 9 سنوات في سجون الاحتلال جراء عملية بطولية قام بها قتل خلالها أربعة جنود صهاينة... كنا ذات مرة جالس معه، فصرخ فجأة: يا أخي والله عايشين في طُوشَة، هذه طُوشَة مش ثورة..... أول مرة شوف شعب بِدُّه يتحرر وبده يبني عمارات وفلل، ومشاريع ومصانع، واتفقاقيات وصادرات وواردات... يا رجل الفيتناميين كانوا يسكنون الأنفاق يقاتلون تحتها ويزرعون فوقها... -هدِّي يا ابن الحلال دخيلك شو مالك ضارب شمال، وقصتك لا عالخاطر ولا عالبال؟! أنا بعرف المشروع الوطني كله بِدُّه اعادة تقييم ، وصارت الفصائل تجاربها قديمة بالية لا تتجدد، ضعيفة مركونة على الجدار، ولا أعتقد أن الأمور وصلت لهذه الدرجة من السوء حينما تحدث عنها أنت بهذه الطريقة ... ضحك علي، وأخذ يغط على أظافره بفمه، ثم قال:- عندما كنا أسرى في المعتقل حين وقوع حرب لبنان والحاق حزب الله هزيمة نكراء في الاحتلال الإسرائيلي بعد أربعة شهور صدر في الجامعة العبرية مساق كامل وكتب كاملة في التاريخ والسياسة والاعلام عن تجربة حرب لبنان الأخيرة.... نحن نخرج من مفاوضات ندخل في غيرها، نخرج من حصار ندخل في غيره، ونخرج من انقسام يعترينا مليون انقسام، ولم نصدر شيئاً واحداً يقيِّم تجربتنا لعل الأجيال القادمة تستفيد، ونحن نتدارك أنفسنا...والخطورة أن القيادات لم يعد خيار التضحية مطروحاً لديها، فمن يفكر في سلطة أو مال أو دولة أو مفاوضات يستثني خيارات المقاومة خوفاً من التضحية .... -كلامك خطير يا أبو محمد ادعي ربنا يجيب اللي في الخير.... نظر إلي وضحك وقال لي: أكيد بتقول كلمتك المشهورة [title]"وأنا مالي يا أبو يزن دع الخلق للخالق"[/title]