يقتضي الركن الخامس من أركان الإسلام أن تتوفر لدى المسلم المقدرة المالية والصحية ليكون ممن يستطيعون إلى ذلك سبيلا، لكن في زمن الهبش حتى في العبادة لم تعد النية والقدرة كافية لكي تصل إلى البيت العتيق. وعلى ذكر النية فإن القلوب تهفو إلى مكة بنية أداء الفريضة طاعة لله، لكن اليوم هناك من يحج بنية "الجكر"، وتثبيت السيادة السلطوية على خلق الله، والقاسم المشترك بينهم والحجر الذي يطوفون حوله هو سواده، وسواد قلوبهم. الهبش الذي يتعرض له موسم الحج أفقده فرحته ورونقه.. ساق الله على أيام زمان عندما كان وداع الحجيج واستقبالهم احتفالا شعبيا.. الأهل يستنفرون والأقرباء والجيران يشاركونهم الفرحة.. وينشدون لهم: حجنا طاح البحر في يده كيله .. يا رب ترده سالم لهالعيلة حجنا طاح البحر في يده شربه .. يا رب ترده سالم من هالغربة حجنا طاح البحر في يده ابريق .. يا رب ترده سالم من هالطريق حجي يا حجه ريحتك روايح .. من نور النبي ودم الذبايح حجي يا حجه ريحتك مليحه من نور محمد ودم الذبيحة. لا أعلم كيف سيؤدي من هبشوا موسم الحج شعيرة رمي الحصوات، واتخيل إبليس وهو يرى أحدهم يقذفه بالحصى، فيقول: "حتى أنت يا محمود بطبش علي.. هزلت". في موسم الحج تطارد المحاصصة القرعة، وأوقافهم خوزقت أوقافنا، وأوقافنا واقعة بين المصريين والسعوديين، وعندنا إداريين وعندهم إداريين، والبعثة كبرت مع الإعلاميين، والهبش يطارد حصة ذوي الشهداء، وبدل ما تكون مكرمة ملكية أصبحت معركة على الدور والأحقية.. وحكاية لها أول ما لها آخر. ورغم ذلك يجب أن نعوض ما فاتنا من فرحة ونستقبل الحجاج مثل أيام زمان بالأهازيج: حجينا ونلنا .. بشروا أحبابنا .. حجينا ونلنا ع الرمل تمشي .. ما أحلاك يا حجة ع الرمل تمشي .. حنة ونقشة زينوا دارنا .. حنة ونقشة ونقول لمن هبشوا من موسم الحج، وصعدوا ظهور المستضعفين كي ينالوا بركة صعود جبل عرفة، حجكم مضرور، وسعيكم مذموم، وذنبكم على جنبكم، والرزق على الله.