ذات يوم قال لي صديق عزيز: أردت تطوير فكري وعقلي السياسي لأقوم بمهامي في وظيفتي الجديدة القريبة من السياسة والمال وصناع القرار.... أمرني مديري في العمل قراءة مقال يومي اجباري لأحد الكُتَّابْ المحلِّيين وسمَّاه باسمه تحديداً.... وبعد يومين من قراءة المقال....... ذهبت إليه في المستشفى في يده محلول، وورق فحوصاته على السرير، مكتوب فيه " مصاب بمغص فكري حاد، ولوثة حضارية، مع فقدان في الذاكرة الايجابية، وحمَّى نظرية دارون، وتبول لا إرادي اضطراري في العقل، ومعه أيديولوجيا قاهرة من الدرجة الرابعة يحتاج لعشرات جرعات الكيماوي للعلاج منها، ونظرة حزبية مقيتة وضيقة.... لا يتكلم لسانه "ملْووق" وعيونه جاحظتان بارزتان كأنهن فهرس كتاب قديم مهترء، مليئ بمصطلحات بالية خليط من السجع والجشع، والمحسنات البديعية والكريمات التجميلية، والمرادفات والتركيبات اللغوية المملة..... نظرت إليه بحزن، وأتيت بكتاب فكري سياسي لكاتب فلسطيني كبير ووضعته على جنب رأسه، وقلت له: الله يهديك على هالعَمْلَة..... بعد ثلاثة أيام وجدته يتصل علي ويشكرني جداً على الكتاب، ويقول لي أبشر أنا أفكر في السفر لإكمال رسالتي الدكتوراة، وقد أعجبت بفكر الكاتب كثيراً، وعلمت أن الدنيا مليئة بالكتَّاب الكِبَار وإن كان كثيرهم مات؟!! على كتَّابنا الأعزاء الأوفياء، إعطاءنا قليل من المعلومات الجديدة في مقالاتهم، وبدون سرد تاريخي ممل لأحداث يعرفها أطفالنا الصغار، واضفاء لمَسة علمية على مقالاتهم بالذات السياسية وبعيداً عن الحزبية والأيديولوجيا المقيتة، وطرح حلول جدية للواقع الأليم الذي نحياه، فالمثقف والكاتب هو الحياة للناس، ومشعل الصمود لهم...... وليس مطلوب منهم تقديم ثناءات وموشحات روحية، فمقالات بعضهم كخبر في الصحيفة، ومقالات الآخرين لم تأت بأي معلومة جديدة، وثالثة مليئة بالمدح والثناء بعيداً عن دور الصحافة الرقابي والتقويمي، وكذلك بعيداً عن المهنية.. [title]اللهم إني بلغت اللهم فاشهد، و-أنا مالي يا أبو يزن دع الخلق للخالق-[/title]