27.78°القدس
27.48°رام الله
26.64°الخليل
31.25°غزة
27.78° القدس
رام الله27.48°
الخليل26.64°
غزة31.25°
الإثنين 29 يوليو 2024
4.74جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.69

خبر: السنوار: الاحتلال ساومني على العمالة

بضجر وتخبط كبيرين يقول رئيس الموساد الإسرائيلي "مائير داغان"24 سنة وإحنا حابسين السنوار، شو استفدنا.. بنى جهازًا أمنيًا لحماس ..أسس لفكر ووعي أمنيين داخل السجون كل واحد بيطلع من السجن بتكون عنده أفكار "يحيى السنوار" الأمنية!. ويتابع بتأفف (24 سنة) مخاسر من وراه، وفي الآخر بيطلع من السجن زي ما قال شيخه ويقصد الشهيد-أحمد ياسين-.. غصباً عنّا، ويستقبله شعبه كبطل قومي.. يرفع على الأعناق ويشهر شارة النصر.. انتصر يحيى السنوار وأمن حماس.. ونحن يكفينا אכזבה -أي خيبة الأمل-!". هذا التعليق جاء على لسانه بمجرد إطلاق سراح الشيخ يحيى السنوار في "صفقة شاليط"، فما تمتع به السنوار من حنكة ودهاء في العمل النضالي الذي لم ينقطع عنه حتى بعد اعتقاله، جعل منه "رجل المستحيل" الذي لم يسمح لـ"إسرائيل" بالنيل من وطنيته..."فلسطين" ارتقبت لحظات الإفراج عنه وتفرغه ولو قليلاً، وسارعت إلى محاورته لتلتقط تجربة أربعة وعشرين عاماً قضاها بين جدران السجون. [title] تربية رائعة [/title] لم يتمتع السنوار بعذوبة مرحلة الطفولة، فظرف الاحتلال الذي عاشه عكّرها وانتزع حلاوتها منه، فعاش كبقية أبناء فلسطين، إلا أنه حظي بتربية وصفها بـ"الرائعة"..كيف لا ووالديه حرصا كل الحرص على أن يضيفا الصبغة الإيمانية على حياته وبقية إخوته الذي يتوسطهم. التحق بالمدرسة فتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس "الوكالة" في مدينة خانيونس، كما بقية الطلبة، وحفر في قلبه معاني حب الوطن دون أن يدرك معناها وكان الفضل فيها لوالدته. ويقول عن ذلك:"كانت دائما تتحدث لي عن الوطن، وحق العودة، وعن الفداء، تلك الكلمات هي التي صنعت مني رجلاً وقد شعرت فيما بعد، وصرت أشعر بها في سلوكي اليومي وفي صدامي مع الاحتلال، مما جعلني أترجم هذه المعاني إلى أفعال". هذه التربية الدينية والوطنية لم تتوقف عند والدته، فجده الحاج "حسن" كان يحرص على اصطحابه لأداء كل الصلوات واستماع الدروس الدينية التي انعكست فيما بعد على فهمه واقتناعه بضرورة الحل الإسلامي كفريضة شرعية وضرورة بشرية. وتعالت ضحكاته قبل أن يتحدث عن تلك الفترة بقوله:" نزعة التدين التي انطلت على شخصيتي آنذاك سببها التزام عائلتي واهتمامها بتطبيق الشرع، فأذكر أن جدي كان يغريني ببضعة قروش حتى أوافق على الذهاب معه إلى المسجد، فسرعان ما أوافق طمعاً في أخذ النقود". في نهاية المرحلة الإعدادية بدأت الحركة الإسلامية تتبلور في قطاع غزة، وذلك في حقبة السبعينيات فأصبح هناك نشاط إسلامي متواضع، وأقيمت الندوات وأنشئت المكتبات، ومن هنا بدأت علاقته بالعمل الإسلامي والتي تطورت فيما بعد حتى انضم عام 1979 إلى حركة الإخوان المسلمين قبل انبثاق حركة حماس منها، حيث كان في العام الأول من دراسته الجامعية في الجامعة الإسلامية، مما جعله يلتقي بقيادات الحركة في غزة أمثال الشيخ سعيد زعرب وأحمد نمر حمدان والشهيد د.عبد العزيز الرنتيسي. [title]نقلة مفصلية [/title] وبعد لحظات من الشرود تابع السنوار قوله:"النقلة الكبرى التي حدثت في حياتي كانت عند دخولي الجامعة الإسلامية والتي شكّلت شخصيتي وطورتها، وفي هذه الفترة كنت عضواً في الكتلة الإسلامية وفي مجلس الطلاب، حتى ترأسته على مدار أربع سنوات". ويتابع:" لقد عشت مرحلة الصراع على بناء الجامعة وتأسيسها وشهدت بناء كل حجر وغرسة ونبتة فيها"، مؤكداً أن الجامعة الإسلامية هي المكان الأحب إليه على الإطلاق. وخلال وجوده في الجامعة أصبح على علاقة وطيدة مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين الذي غرس فيه الكثير من المعاني الجميلة، وحينها بدأت تتبلور في الحركة الأجهزة الخاصة بها، وتشكلت النواة الأولى للجهاز الأمني لحركة حماس والذي سمي لاحقا بجهاز "مجد" وأطلقت "إسرائيل" عليه وصف شاباك حماس. وتمّ اختياره للعمل فيه ونجح في ذلك، ليشعر بالثقة الكبيرة التي أولاها إيّاه قيادات الحركة، ومن ثمّ انتقل من العمل الطلابي والكتلة الإسلامية إلى العمل داخل أجهزة الحركة، وتطّور عمله حتى تمّ أسره من قبل الاحتلال لمدة ستة شهور، ولم يفلح السجن في ثنيه عن طريقه فبمجرد انقضائها والإفراج عنه باشر عمله وطوّر منه. وقال الشيخ يحيى:"بعدها وقعت حادثة تسمم لطلاب المدارس في الضفة، وثبت بعد تحقيقات عدة مع بعض العملاء أن المخابرات (الإسرائيلية) هي من دبّرت لذلك، فخرجنا بوفد من مجلس طلاب وطالبات الجامعة التي لم أنقطع عنها حتى بعد انتهاء دراستي إلى الضفة الغربية لزيارة المصابين بالتسمم، وفي تلك الفترة تأججت المظاهرات والمسيرات المندّدة بالحادث فأمسك بنا الاحتلال ونحن في مستشفى جنين، ونقلونا إلى سجن الفارعة ومن ثمّ إلى المحكمة وحكموا علينا بالسجن لمدة ستة شهور". السجن حينها تحوّل من نقمة إلى نعمة أكرم الله السنوار بها، فبداخله التقى بكبار الأسرى من الحركة الإسلامية مثل جبر عمار وزهير الرنتيسي، مضيفاً: "أضافوا إلينا جانباً آخر من شخصياتنا، وكأن الله كان ينقلنا من مكان لآخر ليكسبنا المقومات الأساسية التي يجب أن تكون فينا بعد فترة الاعتقال، عدت إلى غزة لممارسة العمل بمزيد من الجهد لأن السجن أكسبنا خبرة وخصوصا في المجال الأمني وتطورت الأمور حتى اندلاع الانتفاضة الأولى". [title]ثائر مع الجماهير [/title] في الفترة الأولى من الانتفاضة عاش السنوار فترة العمل الجماهيري الانتفاضي، بشكل عاطفي وعشوائي فشارك الجماهير انتفاضتها ضد الاحتلال عبر رشق الحجارة، والزجاجات الحارقة وحرق المطاط، ثم بدأ ورفاقه في التفكير بتطوير الانتفاضة، وكان أحد أهم وسبل تطويرها مقاومة ظاهرة العمالة باختطاف عملاء والتحقيق معهم، خلال عمله في جهاز الأمن حتى شارك ضمن مجموعات في إعدام أربعة عملاء. وواصل عمله حتى تم اعتقاله هو والمجموعة بناء على جملة من الفعاليات والأنشطة التي مارسوها فكان اعتقالاً إدارياً في البداية لمدة ستة أشهر، وفي تلك الفترة حدث حادث عرضي مع أحد أعضاء المجموعة وهو الشيخ روحي مشتهى، حيث انفجرت به عبوة بسيطة من العبوات التي كانوا يصنعونها فبترت أحد أصابعه، وتم اعتقاله بناء على الحادث، وتحول إلى التحقيق، ومن ثم أصبحت لديه قضية، إلا أنهم استطاعوا خداع ضباط مخابرات الاحتلال ولم يعطهم إلى النذر البسيط من المعلومات، حتى نقلوا إلى السجن، منتظرين صدور مدى محكوميتهم التي كان من المفترض أن تمتد إلى سبع سنوات. خارج السجن كان العمل يتوهج ويتصاعد بشكل كبير، فاستمر ومن معه في التواصل مع أبناء الحركة في الخارج، وعملوا على تطوير العمل من مكانهم حتى وقعت عملية اختطاف الجنديين الإسرائيليين (ايلان سعدون- وسبورتس) مطلع 1990، وعلى إثرها اعتقل عدد كبير من عناصر الحركة، وحدثت ضربة كبيرة لها، ليكتشف الاحتلال بأن المعلومات التي حصل عليها من السنوار ورفاقه كانت مموهة ومخادعة، حتى حولوهم إلى التحقيق من جديد ومارسوا ضغوطاً عليهم، ووصفوه والشيخ روحي بـ"أكذب فلسطينيين قابلوهما في السجون على مر التاريخ"، "ونحن نفتخر بهذه الصفة الرائعة بما أنها كانت ضدّ عدونا". [title] برفقة الياسين [/title] وبعد إكمال التحقيقات وجّهت ضدّهم لائحة اتهام جديدة فحكم عليهم بالسجن المؤبد أربع مرات، وزجّوهم في قسم خاص بسجناء حماس وقد أطلقوا عليه "قسم حماس"، كان في عزل الرملة وهو شديد في ظروفه وممارساته الوحشية، حتى نقل هو والشيخ روحي إلى سجن " كفاريونا" لمدة شهرين بحجة رغبة الاحتلال في رعايتهما للشيخ أحمد ياسين في هذا السجن، ليكتشفا أن الهدف من وضعهما فيه لم يكن لذلك بقدر ما كان للتصنت عليهم والتعرف على أشياء أخرى أخفوها عليهم، إلا أن سرعة بديهتهما وحنكتهما حال دون تحقيق العدو لمراده. لم يؤلُ الاحتلال جهداً في محاولة النيل من وطنية وإيمان السنوار، فقد ساوموه مراراً لأن يصبح عميلاً له، "فهو لا يوفر فرصة لتجنيد العملاء وخصوصا القادة والناجحون، وساومني مرة أخرى حينما أقرّوا بهدم بيت عائلتي، ولكنني لم أبد لهم أيًا من الاهتمام، فقلت لهم "ليهدم البيت"، وبينما أنا خارج إلى المحكمة في إحدى المرات، سألت والدتي رحمها الله: ماذا حصل للبيت فقالت لي "البيت فداء حذائك يا بني فلا تكترث لهدمه..". لم يتسلل الإحباط إلى نفسه في ذات مرّة، ولم يلّوح براية اليأس أبدًا، على الرغم من وحشة الأسر، وظل الأمل بالتحرر يراودني طوال سنوات الاعتقال الأربع والعشرين والوسيلة إلى ذلك هي "صفقة تبادل"، ويتابع قوله:"طوال سنوات اعتقالي أنا وذوي الأحكام العالية والمؤبدات بقينا على قناعة تامة بأنه ليس أمامنا فرصة للتحرر بغير هذه الوسيلة، فالعملية السلمية على طوال 20 عاماً لم تفلح في إطلاق سراح النوعية الخاصة من الأسرى أمثالنا والإخوة الأفاضل الذين نفذوا عمليات أوجعت العدو فبقينا على ثقة بأنها ستنجح في تحريرنا". [title]شاليط كان أملنا [/title] في منتصف عام 2006 أسرت المقاومة الفلسطينية الباسلة الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، ومن حين إلى آخر ساومت "إسرائيل" عليه، فأعلنت عن أنها لن تطلق سراحه إلا مقابل إطلاق أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين. فبدأ الحديث فيما بعد عن المباشرة في ترتيبات "صفقة شاليط"، ليبتهج قلبه، والعديد من الأسرى، ولكن سرعان ما كانت الأخبار بفشلها تتوارد إليهم، وبين الفينة والأخرى يعود الحديث عن هذه الصفقة من جديد. وفي منتصف أكتوبر 2011، حيث أعلن عن الاتفاق على الصفقة والتوقيع عليها، ليكون "السنوار" أحد المفرج عنهم خلالها، ويتنفس هواء الحرية في الثامن عشر من ذات الشهر، لتستقبله جموع غفيرة من أهالي القطاع بحبٍ وتقدير رافعين أمامه قبعة الثناء والشكر، حتى شعر بأن الأربعة والعشرين عاماً من الأسر "لا تساوي صفرًا أمام هذا الشعب العظيم فهو يستحق كل تضحية وفداء في سبيل عزته وكرامته، فنحن خدم وصغار أمامه". أما عن رجال الظل "المقاومين، فهمس في آذانهم قائلا:" أيها الجنود المجهولون أعلمكم بأنني وجميع الأسرى فخورون بكتائبنا المظفرة، وكم يشرفني بأن أكون جندياً صغيراً بينكم في الميدان".