وسط مفترق طرق "دَوَّارٍ" يسبق البحر قليلاً يجلس "أبو يزن" وعائلته الكريمة المكونة والممتدة من أحفاد وأنساب، يشير أحد الأحفاد الصغار نحو منطقة مرتفعة على جانب الطريق ويسأل جده: "إيش هذا يا سيدي؟! نظر "أبو يزن" للمكان، وصمت قليلاً ليعيد الذاكرة القديمة لعله يجيب حفيده. قال له: هذا يا سيدي "بِيِر الفدائية" من زمان زمان، قبل ما ينولد أبوك! كان يتدرب فيه فدائية جيش التحرير، "فوق التَّلْ، تحت التَّلْ" ليل نهار، الصوت طالع" جيش التحرير علَّمنَا، كيف نحمي أوطاننا، منصورين منصورين على أمريكا و"إسرائيل"" بارودة في يد كل واحد، وتدريب ومعسكرات.... كل هذا قبل حرب 67" كنا عندما نسمعهم ونراهم نقول" تحررت فلسطين" ومين بيقدر علينا، سنوات طويلة، نهتف للمنظمة بعدها و"لجيشها المغْوار حامي ثورتي" على الإذاعات طول اليوم، المنظمة، جيش التحرير..... وبعديها "يا سيدي" جاءت حرب 67، هرب الجميع، جيش التحرير مع أول طلقة وأول قذيفة .... جميعا هربوا يا سيدي، لم يتبق منهم أحد، من تبقى استشهد، كان وقتها "أحمد سعيد" يقول أن الجيش المصري وكتائب التحرير قد احتلت "تل أبيب" وسمك القرش في بحر غزة قد شَبِع من لحم الجنود الإسرائيليين..... هرب الجميع، واحتلنا اليهود، ولم يتبق من الفدائية غير هذا البئر، انتكبنا وانتكسنا، وبات العمل الفدائي والبطولي مرتبط بالمال، ثم المال أهم من كل شيئ.... وأخيراً أصبحت المنظمة فسائل صغيرة، والتنسيق الأمني هو شعارنا لدولة منزوعة السلاح وكل شيء... هذا البئر شاهد على الفدائية يا جدي، ولكن غزة اليوم أصبحت مليئة بعشرات الآبار التي يرعاها الفدائيون الحقيقيون، لم يهربوا في حروبهم... [title]وأنا مالي يا أبو يزن دع الخلق للخالق[/title]
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.