لم يكن وطننا بحاجة إلى مثل هذا المنخفض ليثبت حبه إلى الشتاء... وقف أبو يزن على رأس شارعه المليء بالشتاء حتى منتصف قدميه، يستمع إلى إذاعة محلية تتحدث عن منخفض جديد اسمه "يالو" سيأتي بعد منخفض "إليكسا"... نادى علي من بعيد قائلاً لي: تعال اسمع الأخبار؟! قلت له: يا ساتر ايش في ضّلْ كمان؟! قال لي: منخفض جديد سيأتي علينا قريباً ... جديد طَخْ.. اسمه "يالو". قلت له: هيك تمام، "يالو" بيرسم على كبير قادم ليتزوج المنخفض السابق "اليكسا" ويبدو أنه سيقضى شهر العسل عندنا هنا في فلسطين، أو في أحد فنادق غزة؟ ضحك أبو يزن حتى سقطت "طَاقِيَّته" عن رأسه، وقال لي: فرح شتوي كبير سيكون على أرض غزة، وستطير ما تبقت من بيوت" الأسبستوس" و"الزينقو" فرحاً بهذا العرس، وسيخرج ما تبقى من رجال الدفاع المدني لتأمين موكب الفرح القادم ... غَمَسَ "أبو يزن" أصابع يديه المتجمدتين في معطفه الضخم ذو الفروة الملتفة حول الرقبة، وقال لي: فين أيامك يا أحمد درويش لتقول لنا وأنت بردان, وسقعان... "أَحِنُّ إلى نُصِّ كُمِّي"، مات أحمد درويش، وترك نصَّ كُمِّهِ غرقاناً في مياه الشتاء التي تملأ شوارعنا، لقد تركنا أرباب السياسة الكبار بلا كهرباء في هذا البرد... لو قليل من الانسانية فقط.. قليل من الانسانية. [title]نظرت إليه وقلت: وأنا مالي يا أبو يزن دع الخلق للخالق[/title]