أعزاءنا المستمعين.. المشاهدين .. القراء.. في كل مكان من الوطن العربي أتحدث إليكم الآن من هذه البقعة الغريبة العجيبة من العالم المسماة غزة. لا تندهشوا, هذا الشريط الساحلي ليس اكتشافاً جديداً من كوكب المريخ, إنها جزء من الكرة الأرضية, وقطعة من فلسطين المحتلة. هنا غزة حيث الحصار والبرد والأمطار والعتمة والوديان.. هنا غزة تتنفس تحت الماء, كما تنفست سابقا من تحت الركام والأنقاض, هنا المقاومة تواجه الكوارث الطبيعية كما تواجه الحروب, وهنا الناس سواسية في برك المياه, وتحت المزاريب. غزة اليوم مدينة عائمة تحولت وسائل المواصلات في العديد من أحيائها إلى القوارب, لهذا لا يلتبس عليكم المشهد, هذه الأسر على ظهر القوارب لا تقوم بجولة سياحية في مدينة البندقية, انها أسر منكوبة يتم إجلاؤها الى فصول المدارس بعدما تحولت الى مأوى للمشردين بدل الطلاب الدارسين. هنا غزة تواجه المنخفض الجوي, والمنخفض الأخلاقي من سمسار الوقود الذي قبل الحصول على خاوة "أتاوة" يضعها في خزينته تحت الحساب من معاناة أهل غزة الذين يغرقون في الظلام. هنا غزة تنتفض وحدها في وجه العاصفة الغازية من روسيا، لكنها لم تعلم ان هذه المدينة كانت دائما عصية على الغزاة, واسألوا التاريخ. هنا غزة حيث تفضح العاصفة البنية التحتية المتهالكة, والبنية الوطنية المتشرذمة, والبنية العربية المتآمرة, وأمام كل هذه الفضائح يضغطون على القطاع الصغير في ظل هذا التغير المناخي والاقليمي, كي ينحني أمام العواصف الجوية والسياسية, وإلا سوف يواجه الكوارث الطبيعية والوطنية, وسوف يسبح وحده عكس التيار. هنا غزة أمام عاصفة أليكسا.. ومشروع كيري.. وتهديد نتنياهو.. وجشع السماسرة.. كلها ظواهر سواء طبيعية أو سياسية عارضة وتنحسر في النهاية, وسوف نستمتع كلنا بأشعة الشمس ونسيم الحرية. غزة لم تغرق في بحرها يوم كانت أمنية رئيس وزراء العدو الأسبق اسحاق رابين, ولن تغرق اليوم في الأمطار والوديان, بل تطفو وتتعافى وتواصل. هنا غزة العتيدة.. هنا غزه العتيدة هنا الأرض الحبيبة هنا الأحرار والصيد الجبابر هنا الثوار فالشعب في قسماته نهج الحضارة والبحر مرآة العروبة والمنارة فالقلب واحد والنبض واحد والشعب واحد