أخرج أبو يزن فَرْشة بيته المُتَفَسَّخَة من تحت المياه التي غمرت المنزل جراء المنخفض الأخير، ومعها بعض الأثاث واستأجر "تُكْتُك" جاره "حنَّشْ" ووضع الفراش والأجهزة الكهربائية التي أتلفتها المياه، التلفاز والمدفأة والثلاجة، متجهاً نحو مؤسسة حقوقية دولية تبيع الديمقراطية وحقوق الانسان، وألقى بكل ما يحتويه "التُّكْتُكْ" أمام مبنى المؤسسة، وفَتَحَ "نِيعَهُ" كإنسان صائم عن الكلام من ثلاثين عاماً، وتكلم فجأة... أيها الحقوقيون، أيها الديمقراطيون، يامن تنادون بحرية المرأة والرجل والإنسان والكلب والحمار، أنا إنسان هدَّم بيتي الفيضان، ودمَّر عَفْشِّي، ولا تزال المياه ضيف غير مرغوب به في بيتي، لم أر الكهرب منذ أيام، وأنتم طوال النهار تخرجون تقاريركم عن حقوق الإنسان، لماذا لم نسمع لكم صوتاً ولا حسَّاً ولا "سْخَامْ" يا عمي دخيلكم حاجة لاخْمين راسنا حقوق. وضع أبو يزن كرسيه أمام باب المؤسسة الحقوقية، وأخذ ينادي يا حقوقيين، عَالْ العَالْ وين لا حِس ولا خبر، لا صوت ولا صورة، غزة بتموت، وفي نهاية المطاف تكشف تقاريركم أخطاء الحكومة، وانتهاكات الشرطة، غرقنا لروسنا ما شفنا أي تقرير عاجل أو تحذير، يا عمي ارفعوا للمجتمع الدولي وبكل اللغات عن حقيقة ما يدور من خنق لآلاف البشر في غزة. في يدي الكاميرا أمام المؤسسة نظرت لأبو يزن وقلت له: وينك يا أبو يزن عجبتني فكرة ارفعوا للمجتمع الدولي، والمجتمع الدولي تسيطر عليه أمريكا، وأمريكا تدعم "إسرائيل"، و"إسرائيل" تحاصرنا.... "لمين أشكيك يلِّي أبوك القاضي". نظر إلي وقال: يا سيدي يرفعوا للمجتمع العربي على الأقل؟!... قلت له: يقطع تميسك يا أبو يزن شو أنت مهضوم، مشكلتنا مشكلة عرب من الأصل، مش مشكلة سولار ولا بترول، البترول موجود عندنا خيرات الله يا العرب، والكهرباء كمان، والبضائع مكدَّسة.. هم يغرقون بالنفط ونحن نموت بعدمه، خليها على الله يا أبو يزن. طفح الكيل في أبو يزن وقال لي: يا عمي يرفعوا تقرير إن شاء الله لغراب البين بس يتحركوا؟!. [title]طيب وأنا مالي يا أبو يزن دع الخلق للخالق[/title]