23.89°القدس
24.28°رام الله
22.75°الخليل
26.97°غزة
23.89° القدس
رام الله24.28°
الخليل22.75°
غزة26.97°
السبت 28 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

خبر: فلسطين تعيش الذكرى الـ 18 لرحيل المهندس

في مثل هذا اليوم في الخامس من شهر كانون الثاني عام 1996م، استشهد المهندس الأول في كتائب القسام "يحيى عياش" بعد تفخيخ مخابرات الاحتلال لهاتف محمول تم إيصاله من قبل أحد عملائه. [title]نشأته وحياته[/title] ولد يحيى عبد اللطيف عياش ونشأ في قرية "رافات" بين نابلس وقلقيلية لعائلة متدينة محافظة، وقد رزق الله الحاج عبد اللطيف ابنه البكر يحيى في الثاني والعشرين من مارس من عام 1966، وقد كان يحيى معروفاً بذكائه الحاد وحفظه الدقيق، وبدأ بحفظ القرآن منذ السادسة من عمره، وكان الصمت والخجل والهدوء ميزات خاصة في يحيى. واصل دراسته الإعدادية والثانوية وحصل في امتحان التوجيهي على معدل 92.8% في القسم العلمي ليلتحق بجامعة بيرزيت في قسم الهندسة الكهربائية قسم الإلكترونيات وكان يحب دراسة الكيمياء التي تبحر فيها ، وكان خلال دراسته أحد نشيطي الكتلة الإسلامية. وبعد تخرجه حاول الحصول على تصريح خروج للسفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا ورفضت السلطات طلبه، وقد عقب على ذلك "يعكوف بيرس" رئيس المخابرات آنذاك بالقول:"لو كنا نعلم أن المهندس سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحاً ، بالإضافة إلى مليون دولار"، وتزوج بعد تخرجه من ابنة عمه ورزقه الله ولده البكر "البراء" فيما رزق بولده "يحيى" بتاريخ 24/12/1995م . ولمّا انطلقت شرارة الانتفاضــة الأولى بعث أبو البراء رسالة إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، يوضح لهم فيها خطة لمجاهدة اليهود عبر العمليات الاستشهادية وأصبحت مهمة يحيى عياش إعداد السيارات المفخخة والعبوات شديدة الانفجار. [title]أهم العمليات[/title] عبقرية القائد يحيى عياش نقلت المعركة إلى قلب المناطق الآمنة التي يدّعي الاحتلال أن أجهزتهم الأمنية تسيطر فيها على الوضع تماماً، فبعد العمليات المتعددة التي نفدت ضد مراكز الاحتلال والدوريات العسكرية نفذ مجاهدو حماس بتخطيط من قائدهم عياش عدداً من العمليات أهمها : * 6 نيسان 1994 الشهيد "رائد زكارنة" يفجر سيارة مفخخة قرب حافلة إسرائيلية في مدينة العفولة ما أدى إلى مقتل ثمانية إسرائيليين وجرح ما لا يقل عن ثلاثين وقالت حماس إن الهجوم هو ردها الأول على مذبحة المصلين في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل. * 13 نيسان 1994 مجاهد آخر من حركة حماس هو الشهيد "عمار عمارنة" يفجر شحنة ناسفة ثبتها على جسمه داخل حافلة إسرائيلية في مدينة الخضيرة داخل الخط الأخضر، ما أدى إلى مقتل خمسة إسرائيليين وجرح العشرات. * 19 تشرين أول 1994 الشهيد "صالح نزال" وهو مجاهد في كتائب الشهيد عز الدين القسام يفجر نفسه داخل حافلة ركاب إسرائيلية في شارع ديزنغوف في مدينة "تل أبيب" ما أدى إلى مقتل 22 إسرائيلياً وجرح مال لا يقل عن 40 آخرين. * 25 كانون أول 1994 الشهيد "أسامة راضي" وهو شرطي فلسطيني وعضو سري في مجموعات القسام يفجر نفسه قرب حافلة تقل جنوداً في سلاح الجو الإسرائيلي في القدس ويجرح 13 إسرائيلياً. * 22 كانون ثاني 1995 مجاهدان فلسطينيان يفجران نفسيهما في محطة للعسكريين الإسرائيلية في منطقة بيت ليد قرب نتانيا ما أدى إلى مقتل 23 جندياً إسرائيلياً وجرح أربعين آخرين في هجوم وصف أنه الأقوى من نوعه وقالت المصادر العسكرية الإسرائيلية إن التحقيقات تشير إلى وجود بصمات المهندس في تركيب العبوات الناسفة. * 9 نيسان 1995 حركتا حماس والجهاد الإسلامي تنفذان هجومين استشهاديين ضد مواطنين يهود في قطاع غزة مما أدى إلى مقتل سبعة مستوطنين رداً على جريمة الاستخبارات الإسرائيلية في تفجير منزل في حي الشيخ رضوان في غزة أدى إلى استشهاد نحو خمسة فلسطينيين وبينهم الشهيد "كمال كحيل" أحد قادة مجموعات القسام ومساعد له. * 24 تموز 1995 استشهادي من مجموعات تلاميذ المهندس يحيى عياش التابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام يفجر شحنة ناسفة ثبتها على جسمه داخل حافلة ركاب إسرائيلية في رامات غان بالقرب من "تل أبيب" أدى إلى مصرع ستة إسرائيليين وجرح 33 آخرين . * 21 أب 1995 هجوم استشهادي آخر استهدف حافلة إسرائيلية للركاب في حي رامات اشكول في مدينة القدس المحتلة أسفر عن مقتل خمسة إسرائيليين وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح وقد أعلن تلاميذ المهندس يحيى عياش مسؤوليتهم عن الهجوم. [title]قطاع غزة مركز النشاط[/title] ونتيجة الملاحقة المكثفة لشبح المهندس واعتقال كل من شاهد أو سمع أو علم به، يضيق الخناق حوله خاصة بعد استشهاد رفيقيه "علي عاصي" و"بشار العامودي"، ينقل المهندس مركز نشاطه إلى قطاع غزة، ونجاح أبو البراء في الوصول إلى غزة يُعد بحد ذاته ضربة قاسية للمحتل. * وفي الخامس والعشرين من كانون الأول 1994م يتقدم "أيمن راضي" من خانيونس يحمل حقيبة الرعب ويفجر نفسه قرب حافلة جنود بالقرب من مباني الأمة في القدس ليقتل شخصاً ويصيب ثلاثة عشر آخرين بجراح . * وفي التاسع من نيسان 1995م تنفجر سيارة "عماد أبو أمونة" قرب نتساريم في قطاع غزة ثأراً لدماء "كمال كحيــل" وإخوانه. * وفي الخامس والعشرين من حزيران 1995م تنفجر عربة "معاوية روقة" قرب حافلتي جنود في غزة . * وفي الرابع والعشرين من تموز 1995م تنفجر الحافلة الإسرائيلية في رمات جان تقتل ستة إسرائيليين وتجرح خمساً وثلاثينيين آخرين، ويعلن تلاميذ يحيى عياش المسئولية ، فيما "ايجال عامير" يرقب اسحق رابين رئيس الوزراء ليقتله كردة فعل لهذه الضربات الموجعة . * وفي الحادي والعشرين من آب 1995م ينفجر الشهيد "سفيان جبارين" في الحافلة المزدوجة في مستوطنة رمات اشكول في القدس لتقتل خمسة وتصيب ما يزيد عن مائة آخرين، ويؤكد تلاميذ يحيى عياش مسئوليتهم ليصل مجموع ما قتل بيد المهندس وتلاميذه إلى ستة وسبعين إسرائيلياً وجرح ما يزيد عن أربعمائة آخرين ، وهذا رقم قياسي لم ينازع المهندس فيه أحد، ليغدو المهندس شجرة باسقة الظلال ومدرسة يأوي إليها النماذج الفريــدة من المجاهدين ذوي الهمم العالية . كان قلب أبو البراء الذي وسع كل فلسطين هادى البال قرير العين، فقد مسح دمع الثكالى والأرامل والأيتام وجفف جرح كل المصابين . [title]الملاحقة مستمرة[/title] فيما الملاحقة الهوجاء للمهندس مستمرة على أشدها، فتحاصر قريته ويداهم بيته باستمرار ويقطع عن رافات موقع الغرس الكهرباء ويمنع رصف شوارعها، ويعتقل شقيقـــاه ووالده ووالدته. وتطور الحقد في قلب "رابين" شخصياً ليرى شبح المهندس عدواً خاصاً ، فيما يراه أبو البراء بذات العين، ويعتبر نفسه في صراع مباشر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي "رابين" والذي اغتيل في الرابع من نوفمبر 1995. وقد أكد المحللون الإسرائيليون القريبون من "رابين" أن شبح عياش خيم على حياة "اسحق رابين" الذي وظف جيشه وأجهزة أمنه وأموالاً طائلة لمطاردة المطلوب رقم واحد ، ولكن عياش يفلح في الإفلات من الذراع الطويل للجيش الإسرائيلي ولجهاز الشاباك، وقام بالتخطيط في أخطر مراحل المطاردة لهجمات وتشكيل خلايا مع أن مطلوبين عديدين من الذين عملوا في محيطه القريب قتلوا أو اعتقلوا، ورغم الوحدات الخاصة التي لاحقته والكمائن في القدس والضفة وغزة في الجبال والكهوف ومخيمات اللاجئين والبيوت المهجورة. وقد لقب رئيس الحكومة الإسرائيلية "اسحق رابين""يحيى عياش" بالمهندس وأطلق عليه هذا اللقب في إحدى جلسات المداولة بين رابين وقادته أمنه للبحث في قضية عياش وسبل الوصول إليه، وقد أبدى رابين كما صرح "جدعون عزرا" رئيس جهاز الشاباك الأسبق اهتماماً بكفاءات وقدرات عياش. [title]قالوا عنه[/title] * "اسحق رابين" رئيس الوزراء السابق يقول:"لا شك أن المهندس يمتلك قدرات خارقة لا يملكها غيره، وإن استمرار وجوده طليقاً يمثل خطراً داهماً على أمن دولة الاحتلال واستقرارها". * أما "موشيه شاحل" وزير الأمن الداخلي السابق فيقول:"لا أستطيع أن أصف المهندس يحيى عياش إلا بالمعجزة، فدولة الاحتلال بكافة أجهزتها لا تستطيع أن تضع حلاً لتهديداته". * الجنرال "أمنون شاحاك رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق فيقول:"إن دولة الاحتلال ستواجه تهديداً استراتيجياً على وجودها إذا استمر ظهور أناس على شاكلة المهندس". * بينما يقر "يعكوف بيرس" رئيس المخابرات الإسرائيلية سابقاً قائلا:"إنني أقر أن عدم القبض على المهندس يمثل أكبر فشل ميداني يواجه المخابرات منذ إنشاء دولة الاحتلال". * فيما "جدعون عزرا" نائب رئيس المخابرات سابقاً يقول:"إن احتراف المهندس وقدرته تجلت في خبرته وقدرته على إعداد عبوات ناسفة من لا شيء". [title]ويستريح المقاتل الصلب[/title] تمكن الشاباك من الوصول إلى معلومات بموقع المهندس والتسلل إلى قطاع غزة إلى دائرة الأشخاص الأقرب إلى أبي البراء، وكما يروي "أسامة حماد" صديق المهندس والشاهد الوحيد على عملية الاغتيال حيث قال إن يحيى التجأ إليه قبل خمسة شهور من استشهاده حيث آواه في منزله دون أن يعلم أحد، وكان "كمال حماد" وهو خال أسامة ويعمل مقاول بناء، على صلة وثيقة بالمخابرات الإسرائيلية يلمّح لأسامة بإمكانية زيارة يحيى له في شركة المقاولات وأعطاه جهاز بيلفون لاستخدامه، وكان كمال يأخذ جهاز البيلفون ليوم أو يومين ثم يعيده. وقد اعتاد والد المهندس الاتصال مع يحيى عبر البيلفون، وقد طلب منه يحيى مراراً الاتصال على الهاتف البيتي، وقد اتفق يحيى مع والده على الاتصال به صباح الجمعة القادم على الهاتف البيتي، وفي صباح الجمعة الخامس من يناير 1996م اتصل "كمال حماد" بـأسامة وطلب منه فتح الهاتف المتنقل لأنه يريد الاتصال من "إسرائيل"، واتضح أن خط هاتف البيت مقطوع ، وفي الساعة التاسعة صباحاً اتصل والد يحيى على الهاتف المتنقل الذي أبلغ أسامة أنه لم يستطع الاتصال على الهاتف البيتي، واستلم المهندس الهاتف وقال لوالده:"يا أبي لا تظل تتصل على البيلفون" حين دوى انفجار ويسقط المهندس واللحم يتناثر والزجاح يتحطم وبقع الدم تتناثر ويتضح أن عبوة ناسفة تزن 50 غرام انفجرت في (الهاتف النقّال) ، يهوي الجسد المتعب ليستريح من وعثاء السفر، يستريح المقاتل الصلب بعد سنوات الجهاد، ويصعــــــد إلى العلا والمجد يلتقي هناك بالنبيين والصديقين والشهداء بإذن الله، هكذا يفوز المهندس في الدنيا والآخرة. [title]سقط تاركاً أمانة الدم[/title] وما أن انتشر خبر استشهاد المهندس حتى ساد في أنحاء فلسطين خاصة والعالم الإسلامي عامة حالة من عدم الاستقرار، وخرجت الآلاف في شوارع قطاع غزة وفلسطين يهيمون على وجوههم بغير وعي، وأعلنت "إسرائيل" حالة الطوارئ، وأغلقت الضفة وغزة ونشرت قوات معززة، ولم تخف فرحتها العظمى بهذا الخبر، حيث صرح "يعقوب بيري" رئيس المخابرات السابق بالقول:"موت عياش وضع حداً لأخطر وأعنف المحاربين الذين عرفناهم". فيما صرح "موشيه شاحل" وزير الأمن الداخلي بالقول:"بتنا نتنفـس بشكل أفضل بعد إعلان موته". فيما سيطر على "إسرائيل" شبح العمليات الاستشهادية، وفي قرية رافات مسقط رأس الشهيد الأسطورة توجه الآلآف إلى بيت عياش، فيما انهمرت الدموع من عيني والديه وأخويه، ويصرح والد المهندس أن استشهاد المهندس ليس النهاية، فيما عبر شقيقه عن مزيج من الفرحة والحزن، وأكد قائلاً أن:"أخي كان بطلاً". وقد نعت حماس شهيدها العملاق عبر البيانات ومكبرات الصوت، وأعلنت الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام، وعقدت مؤتمراً صحفياً قرب المنزل الذي صعدت فيه روح يحيى، بينما خرج الملثمون التابعون لحركة "حماس" في مختلف أنحاء الضفة الغربية وغزة ينعون المهندس الشهيد، وانطلق مسيرات جماهيرية حاشدة في مختلف أرجاء فلسطين حيث انطلقت مسيرات جماهيرية حاشدة شاركت فيها كل القوى نعت الشهيد في رام الله وطولكرم وجنين ونابلس وأريحا وقلقيلية وفي الخليل وبيت لحم، وعم الإضراب مدينة القدس. [title]كلكم يحيى عياش[/title] وفي المقبرة اصطفت الآلآف لإلقاء النظرة الأخيرة على الجثمان المسجى ويطبع آل الشهيـد القبلة الأخيرة على جبينه الطاهر، فيما أطلقت كتائب القسام وقوى الأمن الفلسطيني واحد وعشرين طلقة تحية للشهيد، فيما أطلق ولده البراء رصاصات التواصل من مسدس في يده. وتحدث والد الشهيد شاكراً الجماهير المحتشدة قائلاً :"كلكم يحيى عياش"، وإثر مواراة جثمان أبو البراء الثرى أقامت حركة المقاومة الإسلامية مهرجان تأبين استهل بتلاوة القرآن الكريم وألقت كافة القوى السياسية بيانات نعي وتنديد ومواساة. وأقيم إثر ذلك سرادق عزاء ضخم للشهيد أمام مسجد فلسطين حيث أمه الآلاف من جماهير القطاع والقوى السياسية المختلفة، وأذاعت كتائب القسام بيانات النعي وأكدت تهديداتها بالثأر لدماء المهندس الغالية. وفي يوم الجمعة الثاني عشر من يناير 1996 أقيم حفل تأبين ضخم على أرض ملعب اليرموك في وسط مدينة غزة ودعت فيه حماس وكتائبها شهيدها العزيز وهتفت الجماهير للراحل الكبير، ولم يكن بوسع كتائب القسام أن ترك هذا الامتهان الإسرائيلي دون رد خاصة ودماء جوهرتها الثمينة تنزف على أرض غزة، فبعد خمسين يوماً بالضبط من استشهاد المهندس، وفي الخامس والعشرين من فبراير 1996 بدأت سلسلة هجمات استشهادية في القدس والمجدل، وبعد أسبوع في القدس و"تل أبيب" ليسقط في هذا الأسبوع الدامي ما يقرب من ستين قتيلاً إسرائيلياً ، عدا عشرات الجرحى " عمليات الثأر بقيادة القسامي المعتقل حسن سلامة "وبادرت إثرها قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى هدم منزل المهندس وتشريد أهله من بيتهم في رافات. وهكذا استراح أبو البراء في ثرى غزة الثائر بعد أن نفد تلاميذه الدروس التي تلقوها على يديه بمهارة واتقان فائقين.