في معمله القديم الذي تفوح منه رائحة المكسرات والحلويات النابلسية، يروي الحاج الخمسيني ماهر القوقا قصة ولديه الأسيرين سهيل (27 عاما) المحكوم بالسجن المؤبد مرتين وعبد الله (26 عاماً) المحكوم 30 عاماً، من مدينة نابلس ويقبعان في سجن جلبوع. يقول "في 2004 أنهى سهيل الثانوية العامة ودرس فني مختبرات في جامعة النجاح لمدة عامين، وبعد تخرجه عمل مصوراً في إحدى محطات التلفزة المحلية في نابلس، كما كان يساعدني في إدارة محل لبيع المكسرات والحلويات، وفي الوقت نفسه كان يجهز نفسه للسفر لدولة الإمارات بغرض العمل هناك". وعن شقيقه الثاني يحدث "أما عبد الله فقد خرج من المدرسة بعد أن أنهى الصف العاشر وامتهن حرفة تركيب الألمنيوم بعد أن درس لمدة عامين في المدرسة الصناعية بقلنديا قرب القدس، وبعد أن أتقن المهنة فكرت بأن افتح له محلاً خاصاً ولكن اعتقاله حال دون ذلك". ويشير القوقا إلى أن نجليه كانا يعيشان حياة عادية لا تشوبها أي شكوك، خصوصاً أنهما في مقتبل العمر، ولم يكن يراوده أدنى شك بانخراطهما في أعمال مقاومة الاحتلال في يوم من الأيام. ا[title]عتقال مفاجئ[/title] ويكمل الوالد "فجر يوم 29/10/2007 داهمت قوة إسرائيلية خاصة منزلنا قرب مسجد السلام واعتقلوا سهيل، في اليوم التالي عادوا واعتقلوا عبد الله". ويشير الوالد إلى أنه وبعد انتهاء التحقيق فوجئ بلوائح الاتهام التي أصدرتها النيابة العسكرية ضد نجليه التي تضمنت قيامهما بنشاطات عسكرية وقتل جنود إسرائيليين بين عام 2003 وعام 2007 رغم صغر سنهما في تلك الفترة. [title]الحكم الجائر[/title] ويذكر القوقا مجريات المحاكمة التي امتدت لأكثر من عامين، حضر خلالها عشرات الجلسات التي كان يرى من خلالها فلذات كبده وهم ينتظرون قرارات المؤبد. وعن ذلك يقول: "حضرت عشرات الجلسات في محكمة سالم العسكرية حتى أتمكن من رؤية ولدي، وكانت المحكمة الأخيرة لسهيل بتاريخ 24/3/2009، حيث أصدرت المحكمة حكماً بسجنه لمدة مؤبدين و30 عاماً إضافية". ويضيف: "بعد فترة قصيرة أصدرت المحكمة ذاتها على عبد الله حكماً بسجنه لمدة مؤبدين و15 عاماً إضافية، ولكن المحامي قدم استئنافاً على الحكم فخفض إلى 30 عاماً". ورغم الآلام التي تعتصر قلب القوقا يقول: "في كل زيارة لهما في سجن جلبوع أظل أرفع معنوياتهما واذكرهما بأن الفرج قريب رغم قساوة الحكم الجائر، ولكن عند عودتي إلى عملي أشعر أني بحاجة إلى من يقف بجانبي ويواسيني، حتى أنني أقضي النهار كله حزيناً على فراق ولدي الكبيرين". [title]عمليات نوعية[/title] ويقلب القوقا لوائح الاتهام الصادرة بحق ولديه التي تشير إلى مشاركتهما بعدد من العمليات العسكرية التي أشرفت عليها كتائب القسام ضمن مجموعة عسكرية ضمت إلى جانب ولديه: علاء غانم ورياض عرفات وعامر الطنبور وجميعهم من نابلس ويقضون أحكاما بالمؤبدات وعشرات السنين الإضافية. وبينت اللوائح أن المجموعة قامت بعدة عمليات إطلاق نار كان أبرزها قتل إسرائيليين قرب مستوطنة "ارئيل" بسلفيت وتنفيذ عمليات إطلاق نار صوب الدوريات الإسرائيلية التي كانت تقتحم نابلس واستهداف الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة، وكانت هذه الخلية آخر مجموعة عسكرية تابعة لحماس تعتقل في نابلس خلال انتفاضة الأقصى.