18.57°القدس
18.23°رام الله
17.19°الخليل
24.32°غزة
18.57° القدس
رام الله18.23°
الخليل17.19°
غزة24.32°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

خبر: السبعينية جوابرة تعود إلى بعلين المُدمّرة

أعادت السبعينية زينيب حسن جوابرة، رسم ملامح قرية بعلين المُدمرة خلال نكبة عام 1948، ورسمت، تفاصيل دقيقة لبيوت بلدتها وبساتينها وشوارعها وعاداتها وتقاليدها ولحظات الاقتلاع منها. وقالت جوابرة، التي ولدت عام 1942 :"إن بيت جدها المختار جبر حسن جوابرة، كان عدة غرف متجاورة من الطين ومسقوفة من قصب وادي البرشين القريب وتل الصافي، تتوسطه ساحة كبيرة، وسكنته أربع عائلات، وقبل وقت قصير من النكبة رممته العائلة، التي كانت تعيش معاً، وتجتمع على مائدة واحدة، في منزل تعلوه عدة أقواس. فيما كان الرجال يتسامرون في الديوان، وليس ببعيد منه خصص المختار مربطاً لخيول ضيوفه. [title]وصف المنازل[/title] ووفق الرواية، فقد كانت مساكن القرية (وعددها نحو 50 كما تقول مصادر الجغرافيا، وتتذكر جوابرة) متراصة، ومبنية بشكل دائري، ووسطها ساحات وممرات ضيقة، فيما سطوحها المسقوفة بالطين والقصب متجاورة، ولم يكن يصعد لها الرجال لترميمها قبل الشتاء، إلا بعد أخذ إذن من الجيران؛ لعدم الكشف عن النساء. أما محيط المساكن فكان من بساتين وكروم العنب والتفاح واللوزيات، ولكل واحد من الأهالي "حاكورة" مقابل بيته.. فيما زرع الأهالي السمسم والقمح والذرة البيضاء، التي كانت تصير خبزا يُسمى( الكراديش). وتابعت، كان رجال البلد يجتمعون في رمضان للإفطار، ويُحضر كل واحد منهم طعامه، ويجلسون ويتسامرون، ثم يوزعون حصة مما يأكلون على الفقراء والمحتاجين. وكنا نحُضر الشعيرية المحمصة مع السمن والسكر، والهيطلية، وجريش القمح، والدجاج المحشي. أما مدرسة القرية، فكانت غرفة واحدة يُصعد إليها بست درجات، وكان فيها المُعلم محمد شتات (لازال على قيد الحياة، ويقيم اليوم في أربد)، ولم تذهب البنات إليها. ومما لا تنساه، كيف أن جدتها الحاجة صفية، كانت تحرص على إكرام ضيوف المختار، وفي ذات مرة، قدم غرباء كانوا يحصون السكان، فنادت أول ما شاهدتهم الرعي ليذبح خاروفاً، لكنهم طلبوا منها أن تكتفي بتجهيز طبق المفرومة، وهو بحسب الراوية: عجين قمح خير مُختمر، يوضع في الكربالة (وهي وعاء دائري يشبه الغربال، بثقب أكبر أسفله)، ثم يُفرك ليصبح منفصلاً، ويخلط بالحليب والسمن البلدي، ويضاف له الحليب والسمسم المحمص. [title]اكتفاء ذاتي[/title] توالي جوابرة:" كل طعامنا كنا ننتجه في القرية، ولم نكن نحتاج إلا للملابس التي نشتريها من الفالوجة، وكنت أشاهد أمي وجدتي ونساء بعلين، وهن يصنعن الزبدة والسمن، والكشك (القمح المجفف والمجروش المنقوع باللبن). من الطقوس التي كانت شائعة في القرية، الواقعة أقصى الشمال الشرقي من قضاء غزة والبعيدة 51 كيلومتراً منها، عادة "التعزيب" في كروم العنب، إذ يذهب الرجال والنساء لقطف محاصيلهم، ويصنعون المربى والدبس والملبن، فيما يتركون امرأة واحدة في المنزل لتحضير وجبة الطعام، وبخاصة من الزغاليل المحشوة بالفريكة، واللحاق بهم بعد تجهيزها. أما في رمضان، فكانت العائلات الممتدة تطهو طعامها معاً في قدر كبير، وكانت كل امرأة تضع إشارة على حصتها من الدجاج، بربط خيط أو قص جزء من الجناح. تستذكر: من أسماء أراضي بلدتنا (الغربية)، و(أم المطامير)، و(الخانة)، وكنا نذهب إلى بئر الماء من البلدة، وكان عليه جمل يسحب الماء، والسّقا كان محمود مصطفى درويش. [title]تاريخ وأزياء[/title] وتُرجح مصادر الجغرافيا والتاريخ، أن بعلين هي التحريف لكلمة "بعليم" جمع "بعل"، وهو أحد آلهة الكنعانيين. وهي قرية كانت ترتفع 150 متراً عن البحر، أما مساحتها فنحو 8,036 دونماً منها 154 دونماً للطرق والأودية، وقُدّر سكانها عام 1945 بنحو180 نسمة. تقول جوابرة: "كانت أزياء القرية الأثواب المطرزة، بألوان بيضاء وزرقاء وسوداء، وللرأس غطاء أبيض يسمى(الغُدقة)، وكنا ننسجها بأيدينا، ونتعلم التطريز في سن مبكر". [title]نكبة وضياع[/title] تبدل حال القرية في صيف عام 1948، حين شرع الأهالي بالخروج منها نحو كرومهم أول الأمر، لكنهم سرعان ما خرجوا منها. واختارت عائلة جوابرة الذهاب نحو(دير الغربان) حيث عمتهم، وما أن وصلوها إلا وجدوها تستعد للرحيل، فخرجت الأم كما الأهالي، نحو الخليل. كانت زينب (الرواية) تمسك بثوب أمها من جهة، وشقيقها عوني الذي يكبرها بسنتين من جهة أخرى، وتحمل أخيها على رقبتها، وأخيها الأصغر الرضيع محمد( 4 يوما) في حضنها، فيما رفض عمها أحمد الخروج. وأخذت العائلة تسير وسط الظلام، دون أن تدري أين تذهب، إلى أن فقدت عوني. تقول الحاجة زينب: "سألتني أمي عن أخي، فقلت لها إنه يمسك بثوبها، فلم تجده، وصارت تصرخ وتقول ضاع عوني، وكنا في وادٍ، وسمعنا جوابًا من بعيد، يقول إن عوني مع أم يوسف. وفي الصباح لحقنا أبي، بعد أن انتهت ذخيرته، ورجع للبحث عن أخي، ولم نجده إلا بعد ثلاثة أيام". ووصلنا لبيت جبرين، ثم أخرجونا منها، وواصلنا المشي إلى ترقوميا وأذنا، ثم إلى الخليل، وأقمنا في حلحول شهراً، ولم نجد ماءً، وانتقلنا لعقبة جبر، ولم نجد خياماً، وجلسنا في العراء، وفاعت العقارب علينا، وتوفي الطفل مصطفى إسماعيل بلدغة منها. وصار الناس يشتكون من العقارب، وحين جاء المسؤولون، رأيتهم وهم يُنزلون خيوطا في شقوق الأرض، لتخرج بعقربين، وطلعنا من العوجا إلى الفارعة، ووصلناها بعد أكثر من سنة ونصف من رحلينا.