24.13°القدس
23.85°رام الله
22.75°الخليل
25.91°غزة
24.13° القدس
رام الله23.85°
الخليل22.75°
غزة25.91°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: مثالب المساعدات الأوروبية وعلاقتها بالمسار التفاوضي

تلوح أوروبا أحيانًا بعصا قطع المساعدات عن بعض الدول، حسب مدى التزام تلك الدول التي تعودت تلقي المساعدات بمفاهيم ”الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ونشر الحريات”، وللقضية الفلسطينية حسب معادلات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خصوصياتها، إذ ارتبطت المساعدات بمدى التزامها بالدرجة الأولى بعملية التسوية واستمرار المفاوضات، وهذا ما فعله الاتحاد الأوروبي أخيرًا، إذ هدد السلطة بوقف المساعدات في حال فشلت المساعي الأمريكية في خطة كيري. ومن الأهداف الأوروبية التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتحقيقها ضمن مبدأ المساعدات أنها تعد أداة ضغط على السلطة الفلسطينية لإلزامها بعدة شروط، منها: 1- محاربة ما يسمى العنف (الإرهاب) بمفهومه الغربي، ويدخل في ذلك ملاحقة أبناء الفصائل (الأحزاب) الموضوعة على قائمة الإرهاب، وليس فقط ملاحقة مخالفي القانون ومرتكبي الجرائم والمخالفات والجنح داخل حدود النظام السياسي الفلسطيني، كما هو معهود ومعمول به في أي نظام سياسي آخر. 2- إلزام السلطة بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال بغض النظر عن التزامه الطرف. 3- ضمان أمن الكيان العبري والمحافظة على نظامه واستقراره، وأن يكون النظام السياسي المجاور له نظامًا مواليًا وليس مقاومًا، إذ يعد الكيان العبري امتدادًا للأمن القومي الأوروبي وفق الحسابات "الكولونيالية" الكلاسيكية لدول أوروبية كثيرة. إذن، لم يكن قولنا جزافًا في مقال سابق عندما ذكرنا أن المراد لهذه العلاقات الأوروبية الفلسطينية أن تكون علاقات تبعية، وسيطرة مباشرة تسمح فيما بعد بالتدخل في أدق تفاصيل الحياة الاجتماعية والثقافية، والعلاقات البينية والاقتصادية والأمنية والمخابراتية، والسياسية على وجه الخصوص، وخير شاهد وقف المساعدات، وعدم تسديد الرواتب عندما فازت حركة حماس عام مطلع 2006م في انتخابات حرة ونزيهة، إضافة إلى إقفال عشرات الجمعيات التي يشتبه بأنها تمول حركة حماس والحكومة في غزة. ولأوروبا مرتكزات ثابتة في المنطقة تتمثل في الآتي: 1- إنجاح المشروع الغربي الاستعماري (إسرائيل) التي تعد الذراع والامتداد للمشروع الغربي الأم. 2- وبـ(إسرائيل) تستطيع أن تضمن أوروبا والغرب أن ليس هناك مشروع وحدوي على غرار مشروع محمد علي. 3- وتضمن أيضًا قطع أوصال الأمة بـ"دولة حاجز"، وزعزعة الاستقرار فيها، واحتياجها الدائم لدعمها ومساندة أنظمتها الهشة التي أنشأتها اتفاقية (سايكس بيكو). 4- تضمن أيضًا أوروبا بـ(إسرائيل) العين التي ترى بها بقاء الدول العربية في مستوى أدنى من (إسرائيل) في جميع المستويات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والعلمية، وقد شهدت الدول العربية حالات اغتيال لأهم مفكريها وعلمائها في مجال الطاقة النووية والتكنولوجية، كما حدث مع مصريين وعراقيين وإيرانيين وفلسطينيين، وأخيرًا يحدث في سوريا، إذ قصف المراكز البحثية النووية، وكثير من المواقع التي تعنى بتطوير وتحديث الجيش السوري، الذي يأتي بعد الجيش المصري في القوة والمهنية والاحترافية والجاهزية لأي مواجهة عسكرية. وتعد اتفاقية (أوسلو) مكسبًا أوروبيًا كبيرًا، إذ انتقلت المفاهيم من “حل الأزمة إلى إدارة الأزمة” (Crisis From Crisis Solution to Management)، إذ لم تنفذ بنود اتفاقية (أوسلو) جميعها، وخاصة مراحل الحل النهائي، ولكن الوضع القائم (The Current Status Qua) يعد مرضيًا، ويبقي الطرفين في حالة لا سلم ولا حرب، وهي مرحلة لا تضر بأوروبا، بل قد تخدمها وتحقق أهدافها وتستدعي على الدوام حضورها، وتساعد هذه الحالة الكيان العبري في مشروع التمدد والتوسع الاستيطاني الذي سوف ينسف فكرة "حل الدولتين"، إذ لن تكون هناك دولة فلسطينية، وإن كانت فستكون بعدئذ في أضيق الحدود الجغرافية ومحاصرة كـ"كنتونة" صغيرة، ويكون حينئذ الكيان العبري قد ضمن لنفسه أكبر قدر ممكن من البعد عن الأخطار الحدودية، وأما فكرة ”الدولة الثنائية القومية” فهي فكرة ولدت ميتة، فالتناقض واختلاف الأيدولوجيات بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين)، والأهداف الإستراتيجية الطموحة كفيلة بانهيار أي نظام سياسي يجمع بينهما. وختامًا، إنه لما كان لا يمكن استمرار الاستعمار التقليدي الكلاسيكي بشكله القديم؛ كانت فكرة الأنظمة الموالية التي تعد امتدادًا للاستعمار أكثر حيوية، وهي الوسيط الذي من طريقه تمرر مشاريع الغرب بشتى أشكالها، مادام هذا النظام يتلقى منه مساعدات تحافظ عليه، وتبقيه، حتى لو لم يكن الاتجاه العام لسياسة النظام يتماشى هو وطموح شعبه وتطلعاته