وقف "أبو يزن" على جبينه علامة استفهام كبيرة وراءها مباشرة علامة تعجب "فاتحة رجليها" حين أطلق جملة بين قوسين في طابور الرواتب أمام البنك قائلاً: "اللهم إني أعوذ بك من شياطين الإنس"... نظر إليه رجل نهاية ركب الخمسينات وقال بسؤال تعجبي: وشياطين الجن؟! قال أبو يزن: والله يا حج في عصر العولمة تطورت شياطين الانس عن شياطين الجن، فلم يخطر ببال رؤساء الجن يوماً أن يتركبوا مجازراً بحق شعوبهم كما يفعل شياطيننا، لقد "لَمْلَمَ شياطين الجن عِزَالَهُم راحلين" للأبد، فما لدينا من الخبرات يكفينا وقتاً طويلاً لنبقى مُتَشَيْطِنِينْ. لقد أصبح شياطين الأنس أكثر احترافاً وتقنية وحداثة في عمليات القتل والسرقة والنصب والاحتيال، وبِطُرُقٍ لم يفكر بها شياطين الجن أصلا، وغريبة عن عالمهم. في أي كتب الجنِّ القديمة والحديثة ترى شعوباً تحرق وتقتل "عيني عينك"، "خَاوةَ"؟! في أي الكتب يسرق البلد رئيسها وأبناؤه ويحاكم على فعلتهم الشعوب. ضحك شرطي في طابور الرواتب فقد قطع عليه الحديث حسابات الدِّيُون في رأسه على المحلات والصيدلية والجوال والكهرباء والمياه.. وقال: الشياطين يختبئون تحت مكاتب القُضَاة الفاسدون حين ينطقون أحكامهم ويوجهون اتهاماتهم يغادرون بسرعة ويقولون "أي والله احنا ما فكرنا في هيك مصيبة". ثم أضاف الشرطي: إن من شياطين الإنس لو تأمرت عليه مجموعة من شياطين الجن لإغوائه أو إغرائه، لما خرجوا من عنده إلا منقسمين مشتَّتين بينهم الضغينة والبغضاء إلى يوم الدين والاقتتال والفقر والبطالة، ولأنشأ كل شيطان منه حزباً خاصاً به لقتال الشياطين الأخرى.... قلت لهم: لا أعجب حين أرى عجوزاً طاعنا في السن، حواجبه مسدولة يجلس في السطر الأول للمسجد بعد ويمكث بعد صلاة الظهر ساعة كاملة، ويبدأ بالدعاء... "اللهم إني أعوذ بك من شياطين الإنس" ويكررها ثلاثاً... رد أبو يزن قائلا: لقد شيْطَنَّا الشياطين بأفعالنا، وهيْنَا بنقْبُضْ نُصْ قَبْضَة يا شباب كله من شياطين الإنس.... [title]وأنا مالي يا جماعة دع الخلق للخالق[/title]