كان الشاب أحمد متحمساً كونه لم يمض على وجوده داخل المؤسسة أكثر من 10 شهور فللمرة الأولى سيجلس مع رئيس مجلس إدارة مؤسسته باجتماع يشمل عدد من المدراء وكبار القوم، وبعض الموظفين المثاليين ومن بينهم أحمد.. لَبِسَ "بدْلَتَهُ" الجميلة، ووضع "الكْريمْ" على شَعره، ووقف لنصف ساعة أمام المرآة لتصْفيِطْ الشَّعرِ فوق بعضه كما الأحرف الموسيقية، وذهب مسرعاً للحمام لتنظيف أسنانه وتلميعها جيداً فقد يكون لبريقها تأثير فعلي على رأي رئيس مجلس الإدارة... جَمَعَ أوراقَه كلَّها صغيرها وكبيرها، وقبل الموعد بنصف ساعة كان ينتظر في غرفة الاجتماعات الواسعة الكبيرة.... مرت ساعة قبل أن يأتي أول الحاضرين، وربع ساعة بعدها قبل أن يأتي كبير القوم ورئيس المؤسسة، استمر الاجتماع ساعتين بالتمام والكمال، وهو يراقب وينظر الكل يرمي بشَرَرِه على الآخرين، ويُلقِي اللوم عليهم، في نهاية الاجتماع بعد 3 ساعات متواصلة كانت النتائج كالتالي... يجب أن نبدأ فوراً بوضع مسودة لإعداد مشروع ورقة متعلقة بتشكيل لجان خاصة لدراسة حيثيات جميع متطلبات آليات العمل لإعداد جدول زمني دقيق لاستصدار مفكرة توضح الطرق العامة بتحديد سبل إنشاء مجلس معني بحل جميع المعوقات التي تعرقل عملية تذليل العقبات ودمج ذلك في مؤسسات المجتمع المدني... لقد أصيب أحمد باكتئاب حاد اسمه "اكتئاب الاجتماعات" بعد عام بالضبط من الاجتماع الأول، وخرج بنتيجة مفادها "الاجتماعات مضيعة للوقت، ومهلكة للعمل" ويُعْمَل بعكس نتائجها دائماً... مسكين فهو يعلم أن الاجتماعات غاية في الأهمية والخطورة، إذ أنها تقييم وتقويم للأداء، وتغذية راجعة، وحل للصعوبات والاشكاليات، لكنه تفاجئ بأنها غير ذلك.