طفلة في عمر الزهور، تجلس على قارعة الطريق المؤدي إلى أحد البنوك في غزة، تمد يد الحاجة إلى المارة أمامها، سلاحها في هذا البكاء والدعاء. أمام إشارات المرور أيضًا، ينطلق صبية بمجرد إضاءة الإشارة الحمراء، يرتمون على أجسام المركبات المتوقفة، يتسولون بطريقة ذكية مقابل "علبة علكة" أو "محارم". وأخرى أربعينية تفترش الأرض وسط السوق تكاد تدوسها أقدام المارة، تجرح كل من يمر بها بمشهد طفل معاق لم يبق منه سوى جسد هزيل، طمعًا في بعض "الشواقل". مشاهد عدة، لمتسولين من الجنسين ومن كافة الأعمار يظهرون في كل مكان.. يطاردونك في: الأسواق، وعلى أبواب المساجد، والبنوك ، أعدادهم تزداد يوميًا، في ظل الظروف القاسية التي تعصف بأهالي قطاع غزة على إثر الحصار الإسرائيلي، وإغلاق الأنفاق التي تسببت في قطع أرزاق مئات العائلات الغزية. [title]مهنة لا حاجة[/title] كثير من عامة الناس ينظر إلى "التسول" على أنها مهنة أكثر منها حاجة، يتوارثها الأبناء عن الآباء، وقد نسمع عن أحدهم ترك ثروة كبيرة بعد وفاته، وهو الذي كان يتسول على أبواب المساجد. هذا الأمر يعتقد به الصحفي وسام عفيفة الذي قال: "ربما مستقبلًا يطالبون بنقابة "الشحاتين"، ووزارة من أجل الشحاتين، وربما تؤلف الكتب تحت عنوان: "التجول في فنون التسول". وما يثير التساؤلات بنظره هو صمت الجهات الرسمية، متسائلًا: أين المشاريع والمبادرات؟.. التكافل، التعاون، التنمية، الإغاثة، الإعانة؟. وقال في مقال له تناول هذه الظاهرة: "إذا كان معظم هؤلاء نصابين أو طماعين، فأين القانون والحملات الشرطية وأخواتها؟.. هل هو صمت العاجز؟.. صمت المذنب؟.. أم صمت المتسول على رأي المثل الشعبي: "لا تعايرني ولا أعايرك.. الهم طايلني وطايلك".. مصدر في الشرطة الفلسطينية ذكر [color=red]لفلسطين الآن[/color] أنه تم ضبط ، قبل سنوات مضت ،ثلاث حالات تسول منظمة يتوزع فيها "المتسولون" خاصة من النساء على عدة نقاط. ثم يتم تجميعهم وتقاسم ما جمعوا. وأكد أن الحالات المنتشرة الآن مقصورة على بعض المعوزين وهم معروفين لعامة الناس. وقال المقدم أيوب أبو شعر الناطق باسم الشرطة: "إن ظاهرة انتشار المتسولين ليست منظمة، وهي حالات مرصودة لأشخاص معروفين تأثروا بالظروف القاهرة التي تمر بها البلاد جراء تدهور الوضع الاقتصادي". ورأى أن الحد من هذه الظاهرة لا يكون بالعمل الأمني فقط بل بالتعاون مع الجميع بما فيه الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني لاحتواء هذه الفئة. [title]65 ألف أسرة[/title] من جهته أكد وزير الشؤون الاجتماعية محمد الرقب، أن وزارته ترصد هذه الظاهرة بشكل مكثف وتتابعها بجميع مفاصلها. مشيرا في الوقت ذاته أن هذا الموضوع يحتاج إلى تعاون جميع أجهزة البلد الحكومية وغير الحكومية. وقال في تصريح لوكالة [color=red]فلسطين الآن[/color] إن ظاهرة التسول : "لا يمكن إنكارها، مع زيادة ضغط الحصار والأوضاع الاقتصادية التي تزداد سوءا" مستدركًا: لا يجب أن تصل إلى تجارة اسمها تسول ومصدر رزق". وبين الوزير أن وزارته تقدم مساعدات نقدية مباشرة إلى أكثر من 65 ألف أسرة، وبلغت قيمة المساعدات 110 مليون دولار خلال العام 2013 وحدها. [title]تعاون الجميع[/title] وشدد الوزير الرقب على أن مكافحة هذه الظاهرة "المحدودة" ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل من خلال جهود الجميع من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات وحتى وسائل الإعلام التي قال إن دورها يجب أن يكون: "بناء في إظهار أي مشكلة وإيجاد الحلول لها". بدوره، أكد ناصر برهوم رئيس الجمعية الإسلامية برفح جنوب قطاع غزة أن دور الجمعيات هو الحد من ظاهرة الفقر عبر إتباع برامج إنقاذ للفقراء من خلال فتح مجالات عمل لهم أو تقديم الإغاثة الموسمية في الأعياد ورمضان وكذلك تقديم الكفالات للأسر الأشد فقراً. وقال إن هذه الدور تقوم به الجمعية التي يرأسها من خلال: "كفالة عشرات الأسر"، مشيرًا إلى التضييق الذي تتعرض له الجمعيات في قطاع غزة بشكل عام عبر إغلاق الحسابات ومعاقبة كل من يقدم لها مساعدات، وهذا أثّر سلبًا على الدور الذي تقوم به الجمعيات في كفالة العائلات المعوزة، الأمر الذي ألجأ بعضها إلى "التسول". ويجمع الجميع على أن التسول ظاهرة منبوذة تسيء إلى المجتمع، وهي بحاجة إلى تكافل الجميع بلا استثناء؛ لتحمل مسؤولياته لتقديم يد العون للأسر المحتاجة، حتى لا تلجأ إلى مد يدها للغير، في حين يجب مكافحة الحالات التي يمتهنها أصحابها كمصدر رزق وتجارة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.