المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة _وعلى رأسها حركة حماس_ تمثل خط الدفاع الأول عن مصر، وهي شوكة في حلق العدو الإسرائيلي، لا يستطيع أن يبتلعها أو يتركها خلفه، إذا ما فكر يوماً أن يجتاح سيناء. لقد اعتاد العدو الإسرائيلي منذ اتفاقية الهدنة الدائمة مع مصر عام 1949م التعامل مع قطاع غزة على أنه منطقة ساقطة عسكريّاً، فاحتل أجزاء منه في عامي 1950م و1955م زادت على 450كم2 دون أن تحرك الإدارة المصرية في غزة ساكناً، مع أنها إدارة عسكرية تتبع لوزارة الحربية المصرية، وفي حرب 1956م تخطى العدو الإسرائيلي قطاع غزة واحتل سيناء كاملةً حتى قناة السويس، ثم عاد ليحتل القطاع من الجهة الجنوبية، وتكرر ذلك بالضبط في حرب 1967م، الأمر الذي أكد اطمئنان العدو الإسرائيلي إلى عدم قدرة القطاع على تشكيل أي تهديد له، وأكد عدم قدرة مصر على الدفاع عن سيناء، فضلاً عن قطاع غزة. في نهاية عام 2008م شنَّ العدو الإسرائيلي عدواناً واسعاً على قطاع غزة، وكان يعتقد أنه سينهي حكم حماس ويحتل القطاع أو يسلمه لمجموعات فلسطينية تابعة له، في غضون ثلاثة أيام، لكن تلك "الحرب" امتدت إلى 22 يوماً، وتلطخت سمعة جيش العدو، إذ لم يتمكن من تنفيذ أيٍّ من أهدافه، وبدا الأمر في ظل المقاومة الإسلامية التي تقودها حماس وحكومتها مغايراً لخبرات العدو الإسرائيلي التي راكمها عن قطاع غزة، وربما ظن العدو أن هناك خطأ ما قد حصل، وأن الأمر لا يعدو كونه طفرة لا يمكن التأسيس عليها، ولذلك كرر عدوانه على القطاع في عام 2012م، ولكنه اضطر في غضون ثمانية أيام فقط إلى طلب الهدنة. لم يعد قطاع غزة في ظل المقاومة الإسلامية التي تقودها حماس لقمة سائغة، فهل يمكن للعدو الإسرائيلي يوماً ما أن يسعى لاحتلال سيناء دون أن يحتل قطاع غزة أولاً؟، وهل يمكن للعدو الإسرائيلي أن يتجاهل المتغيرات العسكرية في القطاع، وأن يكرر تكتيكه العسكري في احتلال سيناء قبل القطاع؟، إن بمقدور المقاومة في غزة أن تشاغل العدو الإسرائيلي وتصمد أمامه عدة أيام على الأقل، في حال قرر العدو الإسرائيلي احتلال سيناء، وستكون هذه الأيام كافية ليستعد الجيش المصري ويؤمِّن دفاعاته اللازمة في سيناء. هل غاب هذا الدور الدفاعي العسكري الذي يقوم به قطاع غزة طواعية، ويضحي بأبنائه من أجل الدفاع عن الأمة العربية _وفي مقدمتها مصر_ عن الإدارة المصرية؟ إن دَوْرَ حماس في غزة أهميته لمصر تفوق أهمية دَوْر حِزْب الله لسوريا، وإن غزة تستحق من مصر كل الدعم والتأييد والاحتضان، وعلى رأسه الدعم العسكري، لا العكس؛ فهل تُراجع السلطات المصرية نظرتها إلى غزة؟!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.