حولت ألسِنةُ الناس التي ظلت تلاحقه، حياة الشاب فراس البلاصي (20 عامًا) من مخيم الفوار بالقرب من مدينة الخليل, إلى كابوس لم يقوى على احتماله ما دفعه للانتحار قبل يومين في مخيم الفوار قرب مدينة الخليل. وكان على فراس أن يدفع فاتورة تسلط مجتمع يَبرعُ بدور القاضي والجلاد وإدعاء الرحمة، فوجد الموت بيده أكثر رحمة من سياط لاحقته طيلة سنين عمره العشرين، كونه ولد خارج إطار الزوجية "لقيط". وتعود القصة إلى ما قبل عقدين، حيث كان أحد المواطنين يريد الزاوج على زوجته بسبب عدم قدرتها على الانجاب، لكن شقيقها تدخل وعرض عليه فكرة تبني طفل، الأمر الذي رحب به الزوجان، وسارعا إلى ملجأ يرعى أطفالاً اُنجبوا خارج إطار الزوجية "لقطاء"، واختارا طفلاً كان قد وصل إلى الملجأ، ولم يبلغ الأشهر الأولى من عمره حينها، كما أوضح أحد جيران العائلة. ذاك الطفل هو فراس الذي تبنته إحدى العائلات وربته كابن لها، دون أن تعرف أبويه "البيولوجيين" اللذان ظلا مجهولين، ورعته كما ينبغي إلى أن التحق بالمدرسة وبلغ صفوفها العليا، وقد تفوق على زملائه فيها، لكن رحلة مضايقته وملاحقته من أقرانه حول "ماضيه وأصله وفصله" كانت قد بدأت ولازمته طوال سنين، ما شكل له كابوساً وعبئاً يومياً لم يستطيع احتماله، بالرغم من محاولات أمه الستينية بالتبني "حليمة" الدائمة للتخفف عليه، خاصة أن والده بالتبني قد توفي. وقال أحد الجيران المقربين من العائلة إن "فراس ونتيجة سوء المعاملة والضغوط التي تعرض لها فقد تدريجياً الثقة بنفسه وأصيب بانهيار عصبي وبنوبات صرع دفعته أكثر من مرة لمحاولة التخلص من هذا العذاب الثقيل جراء "معايرة المجتمع له" وأنه نفذ ثلاث محاولات انتحار لشنق نفسه باءت بالفشل في السابق. ويشير إلى أنه وبعد أن التحق فراس بقسم "الجرافيكس" في جامعة بولتكنيك، استمرت المضايقات تلاحقه ما شكل هاجساً له حول استمرار بقائه، فبدأ بالتفكير بالتخلص من حياته ومن "القال والقيل حول نسبه وحسبه المجهولين"، موضحاً أن الشاب فراس أقدم هذه المرة على حرق هويته الشخصية وعمل على تعطيل حسابه على الفيسبوك، رغبة منه بالتخلص من هويته المجهولة وأقدم على حرق منزله الأسبوع الماضي، الأمر الذي تطور قبل ليلتين حين دخلت والدته بالتبني غرفته الساعة الثامنة مساءً للاطمئنان عليه، فوجدته مشنوقاً بمنديلها المعلق بالمروحة، لينهى بذلك حياته ويقطع سياط الكلام الذي ظل يلاحقه طوال حياته. وكتب الشاب فراس قبل ان ينتحر على حسابه في "فيسبوك" كما تناقلت ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، كلمات تقشعر له الأبدان.. "ااااااااخ من ظلم الزمن.. ليييش يا دنيا أموووت وأنذل قدام العلن.. لا أخ اتسند علييه .. ولا أخت تحضني بحنان... ولا حد اشكيلو همومي غييير نفسي والحزن ... زهقت يا دنيا وحييييييد... وبالموت ما حد رح يحمل الكفن ..."!!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.